للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ان هؤلاء المثقفين بثقافة الغرب لمخطئون في نظريتهم هذه، وأنهم يجهلون الاسلام رغم انتسابهم اليه، ولم يعتبروا بالماضي الماثل في الأذهان ولم يدروا أن هذه العوامل تهدم الإسلام ولا تبنى، وترمى المقومات الاسلامية والخصائص العربية بفاقرة تقسم الظهر. الواجب على قادة المسلمين أن يحافظوا على التراث الإسلامي والتعليم الديني الذي هو وسيلة إلى التثقيف، والتثقيف أشرف مقاصد الأمة الرشيدة، والحكومة الرشيدة فإنها تلمس المعرفة على تثقيف شعوبها من كل من تستطيعه من جماعات وأفراد، وتبذل لهم من التنشيط والتسيير ما يحقق ذلك.

فقد كان قبل الاستعمار وفي إبانه ملاجئ دينية يهجر المسلمون إليها في طلب العلم النافع والعمل الصالح يتجشمون الأسفار والأخطار لتزكية النفس، وتهذيب الخلق، والتوصل الى معالم الرشد، والاستعداد للآخرة، فترى في كل قطر إسلامي ملاجئ روحية يأوي إليها أهل الطلب من سائر الآفاق مثلا كالزوايا في بلادنا ومعهد الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أسسته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والجامع الأخضر كان الطلبة يأتون إليه من أنحاء الوطن، وكالزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب والجامع الأزهر في مصر، فيتخط الناس الدنيا ومناصبها العالية، ويلجئون الى المحيطات الهادية الروحية، وينكبون على اصلاح بواطنهم وسل حظ الشيطان منها حتى ترى رقة في القلوب وانقيادا للحق وخضوعا للشرع فيأتون من كل صقع ليدخلوا في الخير أفواجا.

كان الناس يدعون الى الدين وإصلاح النفوس وتزكيتها وهم تذكار لسلفهم الصالح في زهدهم في الدنيا، والاقبال عن الآخرة، والاخلاص واتباع السنة.

والمسلمون يعدون الاتصال بهؤلاء والتمسك بآدابهم حقا من حقوق الدين وواجبا من واجباته وكان بعض الأغنياء والامراء وأرباب الدنيا لهم اهتمام زائد بحسن الخاتمة وأمور الآخرة، واصلاح القلب وعمارة الباطن، فأصبح صلاح الدنيا الذى يترتب عليه صلاح الآخرة أشبه شيء بالتهاب السراج قبل الانطفاء. فقد ذوى أصل الشجرة الدينية، وانقطعت عنها مادة

<<  <   >  >>