للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتمرد لغرض ما، وإنما هو جيش نظامي له كيانه وعقائده وأهدافه، جيش مدرب يتقن فنون القتال، والشعب بأجمعه يحتضنه ويأتمر بأوامره، ويمده بكل ما يحتاج اليه ...

وعلى هذه الحقائق الناصعة التي لا موارة فيها أعاد جنرالات فرنسا تخطيط برامجهم الحربية بعد اجتماعات عديدة ودراسات عميقة أسفرت هذه الدراسات عن برنامج حربى يهدف الى استئصال شأفة الثوار، ونشر الخراب والدمار في الوطن، يبدأ هذا البرنامج بهجوم عام شامل على مواقع جيش التحرير، عرف هذا البرنامج باسم المربعات (الكدرياج) أي القتال عن طريق المربعات ...

بدئ في تطبيق هذا البرنامج سنة ١٩٥٥م - توزعت القوات الفرنسية في كامل القطر الجزائري على شكل مربعات تنتشر على طول مواقع الثوار من غربي الجزائر الى شرقيها مع ضرورة تقارب المراكز العسكرية لكى يتسنى نجدة أي مركز يفاجأ بالهجوم حتى تتمكن القوات الفرنسية من إبادة المهاجمين بسرعة ...

ولما شنت القوات الفرنسية الهجوم العام على مراكز جيش التحرير، توقف زحف هذه القوات الفرنسية أمام مناعة خطوط الدفاع للثوار، وأخذ جيش التحرير يشن هجوما معاكسا على مراكز المربعات، بحيث كان يشغل بعض المراكز بمناوشات رمزية تقوم بها وحدات صغيرة، وبقية الثوار يكمنون له في الطريق المؤدية الى هذه المراكز ...

ومما يسر على جيش التحرير وسهل مهمته تبعثر الجيش الفرنسي وتشبثه فوق أرض الوطن الشاسعة الواسعة الأطراف والأرجاء الممتدة من الغرب الى الشرق، والذى أعانه على تسديد ضرباته الى القوات الفرنسية هو وجود بعض القرى والمدن داخل نطاق هذه المربعات، فكان جيش التحرير يتسلل إليها، ويختفى بين السكان، فلم يستطع العدو أن يميز بين سكان هذه القرى، وبين المجاهدين، فكان يضع الألغام في الطرق والقنابل في المنشآت العمرانية فتنسف المنازل والمصانع

<<  <   >  >>