والجسور، وكل من يمر عليها من سيارات ودبابات فأصبحت القوات الفرنسية عرضة لأعمال الفداء داخل خطوطها حتى اضطرت القيادة العليا أمام هذه الأعمال المتواصلة الى إخلاء مناطق العمليات العسكرية من السكان وحشدتهم داخل معسكرات محاطة بأسلاك شائكة، تظن أنها بهذا العمل تضمن عدم تسلل الفدائيين الى المراكز الفرنسية، وأنها في نفس الوقت تقطع التموين على جيش التحرير، فبهذه الخطة تعزل الثوار عن الاتصال بالشعب فيسهل العثور عليهم والتمكن من إبادتهم لهذا جمعت سكان القرى، وحشدتهم في معسكرات الاعتقال.
وبعد أن أصبحت مناطق العمليات خالية من السكان تقابلت القوتان وجها لوجه، ودارت المعارك ليلا ونهارا دامت أربعة أشهر لم يتوقف القتال خلالها ولو يوما واحدا. فكانت المعارك تدار حتى بالسلاح الأبيض، فظهر حينئذ لجنرالات فرنسا قصور برامجهم عن تحقيق الأهداف التي رسموها فأصبحت القوات الفرنسية مرة ثانية عرضة لهزيمة محققة لوعرة السلوك والدروب، وسرعة حركة الثوار فعدل جنرالات فرنسا عن هذه البرامج، ورجعوا الى برامجهم التقليدية لقد جلب حرب المربعات (الكدرياج) الى جانب الفضيحة العسكرية العار والخزي لفرنسا لأنه لطخ سمعتها ومرغ شرفها في الأوحال، لقد استفاد جيش التحرير من برامج المربعات وإخلاء السكان من مناطق العمليات، كان جيش التحرير يقلل ما استطاع من هجوماته على العدو في المناطق الأهلة بالسكان خوفا من انتقام الجيش الفرنسي من الأهالي فلما أخليت المناطق من السكان تجرد للقتال بلا خوف، وفي النهاية تغلب الثوار على أكثر مراكز العدو.
كان الجنرال ديغول منذ الساعة التي تسلم فيها الحكم يشارك في الخطط والبرامج الحربية لسحق الثوار، وقد خط برامج كثيرة شارك فيها القادة العسكريون والمدنيون من المتطرفين وغلاة الاستعمار على السواء، فالعسكريون من جهتهم كانوا يستعملون القوة بجميع أنواعها وأشكالها الفظيعة من التنكيل والتخريب والقتل الجماعي، وكانوا مخيمين في جميع القرى والمدن والأحواز يحصون على السكان أنفاسهم وحركاتهم