ولما استعدت الحكومة الاشتراكية للحرب أعلن رئيسها (م غى مولى) عن الحل الذي يريده للجزائر، وكان يتخلص في ثلاث نقط: إيقاف القتال، الانتخابات، المفاوضات، ولم يصرح ما هو نوع الحل، ودعا جيش التحرير الى تسليم سلاحه، وقال ليثق الثوار أن الحكومة الفرنسية لن تنتقم من المقاتلين، وفي تصريح آخر أراد أن يحدد علاقة الجزائر بفرنسا فجاء بموقف غامض لخصه في العبارة الآتية فقال: (ان الجزائر ليست إقليميا فرنسيا لأن أغلبية السكان تتصف بمميزات اجتماعية وثقافية مغايرة للفرنسيين وليست الجزائر في نفس الوقت بلدا عربيا لأن سكانها من البربر. ولا هي دولة اسلامية لاستيطان الأوربيين فيها، وانما أقول ان للجزائر شخصيه خاصة تربطها بفرنسا روابط لا تنفصم عراها في جميع الميادين (.
وفي صيف هذه السنة أوصى الحزب الاشتراكي في مؤتمر له بإجراء مفاوضات مع جبهة التحرير لجس النبض كما يقال، ولكن الحكومة اعتبرت مثل هذه المفاوضات توريطا لها لأنها تتضمن اعترافا بجبهة التحرير، وقفت زمنا طويلا، وهى تتردد وفي النهاية اكتفت بإرسال مبعوثين غير رسميين تقابلا مع بعض أعضاء جبهة التحرير في يوغسلافيا.
تطورت الحرب وأظلم الجو وأكفهر، واختفى السلم، وكان رد الفعل من طرف الثوار قويا جدا على خطة الحكومة الاشتراكية، وكانت العاصمة وبقيت المدن الأخرى مسرحا لحوادث الفداء الدامية وأصبحت منشآت الحكومة ومنتوجات المعمرين عرضة للتخريب والتهديم والاتلاف، ففي سنتي ٥٦ - ٥٧ كانت حوادث الفداء في العاصمة وحدها تزيد على ألفي حادثة في الشهر الواحد، وعمت الحوادث الوطن كاملا حتى اضطر المعمرون الى مغادرة سكناهم وضياعهم ولجأوا الى العواصم والمدن الكبيرة ليكونوا تحت حماية الجند الفرنسي، والذى بقى في مكانه كان يؤدى الى جيش التحرير الإعانة المالية.
جدت الحكومة الاشتراكية من جهتها في معاقبة المسلمين معاقبة جماعية بحيث صارت تأخذ البريء والمسالم بالمحارب، وتلقى