مواقعنا عنها حتى وقعت في الكمين المنصوب لها دون أن تتنبه وفعلا تقدمت القوات الفرنسية داخل الكمين حتى صارت على بعد عشرين ميتر من مرمى أسلحتنا دون أن تشعر بأي شيء غير عاد، واستعمل المجاهدون عنصر المفاجأة لينقضوا على العدو انقضاضا ساحقا ويصلوه جحيما متواصلا من نيران أسلحتهم الأتوماتيكية، ولم يمر غير وقت وجيز حتى أبيدت تلك العناصر المعادية التي وقعت في الكمين، وبدأت نجدات العدو تتوالى على ميدان المعركة تحت حماية المدفعية الثقيلة التي كانت ترسل قنابلها دون أي ضبط، وتحديد من المراكز العسكرية في جنان بورزق ودرمل، واتسع ميدان المعركة وحمى وطيسها بعد قدوم هذه النجدات، وقد استطاعت قواتنا المتمركزة خلف الصخور المتينة أن تكبد هذه القوات المعادية الجديدة خسائر فادحة، وأن تردها على أعقابها وتضطرها الى الانسحاب بعد أن ترك العدو في ميدان المعركة ما يزيد على ٣٠٠ جنديا بين قتيل وجريح، وبعد انسحاب القوات البرية تدخل الطيران الذى استمر يقنبل المنطقة حتى منتصف الليل في حين كانت النجدات العسكرية تتهاطل من كل جهة محاولة ضرب الحصار حولنا، ولكن قواتنا استطاعت أن تخرق الحصار وان تشق طريقها حتى بين صفوف العدو ماضية الى مواقع أخرى أكثر ملائمة للمعركة ...
ومع مطلع النهار في اليوم الثاني شن العدو عملية واسعة محاولا فرص الحصار علينا من جديد، فتعرض لوابل من النيران، واضطر الى التراجع، وتدخل الطيران والمدفعية مرة أخرى كما قدمت النجدات عن طريق السكة الحديدية، وسيارات النقل، والطائرات العمودية التي تجاوز عددها الثلاثين طائرة، والتي كانت توالى نقل النجدات العسكرية بدون انقطاع غير أن المقاومة البطولية الرائعة التي أبداها جنودنا البواسل جعلت العدو يعتمد في المعركة على الطيران بصفة خاصة، فتدفقت فوق ميدان المعركة أفواج متوالية من الطائرات التي تجاوز عددها الخمسين: طائرة من نوع ب ٢٦، ٢٩ وت، كانت هذه الطائرات تطلق نيران رشاشاتها الخفيفة، وترمي قنابل النابالم، وهي قنابل مستطيلة الحجم تنفجر بمجرد نزولها وتطلق دخانا أسود