العالم لينعم سكانه بالسلام ورغم الصيحات التي كانت ترتفع من أنحاء العالم حتى من الفرنسيين أنفسهم، ومن رجال الديالة المسيحية. كلها مطالبة بإنهاء هذه الحرب المجرمة في أقرب وقت ممكن رغم هذا كله لم يتوصل الطرفان الى الحل المنشود ...
ولا نعلم قضية شغلت بال الرأي العام العالمي، واهتم بها ساسته الكبار مثل قضية الجزائر والفيتنام في هذا العصر فهزتا كيان العالم قاطبة وحفزتا الشعوب المستعمرة الى خوض معركة الحرية والاستقلال.
سببت الثورة الجزائرية مشاكل كثيرة وأتعابا جمة للشعب الفرنسي في الداخل والخارج حتى أصبحت حكوماته عاجزة عن حل هذه القضية، وإرجاع السلم الى هذه الأوطان، بل كانت في سقوط متوال، واقتصادها في انهيار مستمر فبلغت نفقات الجيش المحارب في الجزائر في اليوم الواحد ثلاث مليارات، وأحيانا أربع مليارات من الفرنك القديم.
أخذت الأزمات تشتد وتأخذ بعنق الشعب الفرنسي، فأصبحت تهدده بالانفجارات والانقسام لأن الحالة الداخلية كانت تنتقل من سيء الى أسوأ، ولا تقل الحالة الخارجية عنها خطورة، فالعالم كله أدان فرنسا على سياستها المتبعة في الجزائر، وكان يندد بها حتى ضاق الشعب الفرنسي ذرعا بها لأنها لا تعرف الا الحرب ...
انقسم الشعب الفرنسي نحو قضية الجزائر الى قسمين، فأحزاب اليسار كانت تطالب بالمفاهمة مع الجزائريين وتسوية المشكل بالسلم، والأحزاب المتطرفة اليمينية من غلاة الاستعمار كانت تعارض كل مفاهمة وكل حل يقع ما لم تكن الجزائر فرنسية ...
أصبح الشعب الفرنسي يعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات، بل كل حزب كان يعقد مؤتمرا عاما وخاصا فتناقش القضية الجزائرية فيه نقاشا حادا من جميع وجوهها، وتقدم التقارير واللوائح والتوصيات الى الحكومة ...
ولما كان منطق الثورة منطقا صحيحا ومعقولا وحجتها قوية وما هي الا امتداد للمقاومة الشعبية التي سبقتها منذ الاحتلال