وقد أكرم الله بها العرب لما أخلصوا لهذه الدعوة الاسلامية وتفانوا في سبيلها.
وبقيت هذه القيادة الكاملة مدة طويلة والناس لا يفكرون في الثورة عليها وفي التخلص منها، كما هي عادة الفاتحين مع الامم المغلوبة على أمرها في كل عهد لأن صلتهم بهذه القيادة ليست صلة المفتوح بالفاتح، أو المحكوم بالحاكم إنما هي صلة المتدين بالمتدين، وصلة المؤمن بالمؤمن، فلا مجال للثورة، ولا مجال لنكران الجميل هذه هي القيادة التي هيأتها البعثة المحمدية، وهى القيادة التي يجب أن يحرص عليها العرب أشد الحرص. ويعضوا عليها بالنواجذ، ويسعوا اليها بكل ما أوتوا من قوة ومواهب. ويتواصى بها الأباء والأبناء، ولا يجوز لهم في شريعة العقل والدين والغيرة - ان يتخلوا عنها في زمن من الأزمان.
ان الطريق الى هذه القيادة ممهد ميسور الى العرب، وهى طريق الاسلام والاخلاص الى الدعوة الاسلامية واحتضانها والتفاني في سبيلها، فبهذه القيادة تخضع لهم الأمم الاسلامية في أنحاء العالم، وندخل أمم جديدة في الاسلام أمم فتينة في مواهبها وقواها أمم تستطيع أن تعارض أوربا في مدينتها وعلومها اذا أوجدت ايمانا جديدا أو دينا جديدا (١).