للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخلوق حتى ظهرت المعتزلة الضالة وقالت يخلق القرآن وكان الناس في زمن أمير المؤمنين هارون الرشيد على ما كان عليه السلف كما روي عن محمد بن نوح قال سمعت هارون أمير المؤمنين يقول بلغني أن بشر المريسي زعم أن القرآن مخلوق على أن ظفرني الله به لأقتلنه قتلة ما قتلها أحد قط. واستمر الأمر كذلك في زمن الأمين محمد بن هارون الرشيد. ثم ولي المأمون أبو جعفر عبد الله بن هارون الرشيد وكانت ولايته في الحرم وقيل في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة فصار إليه قوم من المعتزلة وأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل وحسنوا له قبيح القول بخلق القرآن فصار إلى مقالتهم وقدر أنه في آخر عمره خرج من بغداد لغزو بلاد الروم فعن له أن يكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بن مصعب صاحب الشرطة ببغداد أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن. فاستدعى جماعة من

العلماء والقضاة وأئمة الحديث ودعاهم إلى ذلك فامتنعوا فهددهم فأجاب أكثرهم مكرهين واستمر الإمام أحمد رضي الله عنه على الامتناع فلما أصر حمل على بعير وسيروه إلى الخليفة فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إن لم يجب إلى القول بخلق القرآن فتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أن لا يجمع بينه وبينه فبينما هو في الطريق قبل وصوله إليه إذ جاءهم الصريخ بموت المأمون وكان موته في شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين. فرد الإِمام أحمد إلى بغداد وحبس - ثم ولي الخلافة المعتصم وهو أبو اسحاق محمد بن هارون الرشيد وقدم من بلاد الروم فدخل بغداد في مستهل شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين فامتحن الإِمام وضرب بين يديه في الشهر المذكور وكان ما كان. . . ثم أمر الخليفة بحبسه فبقي محبوسًا نحو ثمانية وعشرين شهرًا آخرها رمضان سنة عشرين ومائتين - ثم في ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ولي الواثق وهو أبو جعفر هارون بن المعتصم فلم يتعرض للإِمام في شيء وإنما امره أن يختفي فاختفى الإمام إلى أن توفي الواثق - ولما ولي المتوكل وهو أبو الفضل جعفر بن المعتصم وكانت ولايته في ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين ومائتين خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد وطعن عليهم. فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ونهى عن الجدل والمناظرة في الآراء وعاقب عليه وأمر بإظهار الرواية للحديث فأظهر الله به السنة وأمات البدعة فاستبشر الناس بولايته وأمر بالقبض على

<<  <   >  >>