للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المرزأ من يصاب بدينه … لا من يرزأ ناقة وفصالها

[ذكر هيئته ووصفه]

كان الإِمام أحمد رضي الله عنه شيخًا أسمر شديد السمرة طوالا وخضب رأسه ولحيته بالحناء وهو إبن ثلاث وستين سنة خضابا ليسى بالقاني وكان حسن الوجه في لحيته شعرات سود وثيابه كانت غلاظًا إلا أنها بيض وقال عبد الله ابَنه ما مشى أبى في سوق قط وكان رحمه الله أصبر الناس على الوحدة ولم يره أحد إلا في المسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض وعن الحسين بن إسماعيل قال سمعت أبي يقول كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة ألاف أو يزيدون أقل من خمسمائة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت وعن أبي بكر المطوعي قال اختلفت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل اثنتي عشرة سنة وهو يقرأ المسند على أولاده فما كتبت منه حديثًا واحدًا إما كنت انظر إلى هديه وأخلاقه وآدابه.

[ذكر حسن أخلاقه وعشرته]

عن أبي داود السجستاني قال لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا فإن ذكر العلم تكلم وقال مجالس أحمد بن حنبل مجالس الآخرة لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط وعن الحسين بن المناوي قال سمعت جدي يقول كان أحمد من أحيى الناس وأكرمهم نفسًا وأحسنهم عشرة وأدبًا كثير الاطراق والغض معرضًا عن القبيح واللغو لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن وإذا لقيه إنسان بشَ به وأقبل عليه وكان يتواضع للشيوخ تواضعًا شديدًا وكانوا يكرمونه ويعظمونه وسئل لم لا تصحب الناس قال لوحشة الفراق وعن إسحاق بن هانئ قال كنا عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل في منزله ومعنا المروذي ومهنا بن يحيى الشامي فدق داق الباب وقال المروذي ها هنا وكان المروذي كره أن يعلم موضعه فوضع مهنا بن يحيى إصبعه في راحته وقال ليس المروذي ها هنا وما يصنع المروذي ها هنا فضحك أحمد ولم ينكر ذلك.

[ذكر محنته رضي الله عنه]

وسبب ذلك أنه لم تزل الناس على ما كان عليه السلف وقولهم أن القرآن غير

<<  <   >  >>