ثقافة مصر التقليدية تعسف إلى حد أن خرج على الأوليات المعروفة من حقائق اجتماع وعلم تكون الشعوب.
كما هنالك تقاليد بقيت من العهد الفرعوني وتسربت إلى الدين الإسلامي في مصر ولونته بلون محلي. أما أن الدين يعمل على اقتلاعها لخير المجتمع وسلامته فليس ذلك من شأن الباحث السوي.
قلنا: إن لمصر ثقافتها التقليدية التي تميزت بها عن جيرانها من بلدان الشرق العربي، غير أن المناظر وإن اعترف معنا بأن للمميزات الإقليمية أثرًا على ثقافة الأمم اعتبر أن لكل أمم الشرق العربي ثقافة عامة شاملة.
غير أن هذا الاعتراض في غير محله لأن اعتباره أن لأمم الشرق العربي ثقافة عامة شاملة إن كانت صحيحة إلى حد ما فهذه تتلون وتأخذ طابعا من كل بلد من بلدان الشرق العربي، فمظهرها في سوريا غير مظهرها في العراق، وهي في العراق غيرها في مصر، وفي مصر غيرها في الحجاز.
وهم المناظر الفاضل أننا نهزل حين قلنا أن العامية في مصر هي العربية الآخذة بأسباب الفرعونية، إننا نعني بالفرعونية وحدة عقلية أو معاشية متمشية في ثقافة المصريين التقليدية حتى العهد الفرعوني، فإذا قلنا أن العامية هي العربية الآخذة بأسباب الفرعونية فإنما نعني أنها تأخذ طابعا مصريا خاصا بها.
سيأتي ذلك اليوم قريبا وسنقول العقلية اليقينية في الشرق والمنطق الإثباتي في العالم العربي نتيجة لتغلب الاتجاه الغربي على هذا الشرق بحكم كون الغرب مركز الجذب الاجتماعي في عصرنا، إذًا فلسنا نحن في حاجة إلى الانتقال إلى الغرب لاكتساب عقلية يقينية كما يقول المناظر إنما كل ما نحن في حاجة إليه أن نقوي الاتجاه نحو الغرب فتكون العقلية اليقينية أخذت بطريقها إلى الشرق.