وقد يومئ إلى عيب من عيوبه لتكون الغمزة نكتة مستملحة أو معرضا للباقة والتعبير والتورية البليغة أو ليكون الدفاع عنها براعة في المحاماة والتخريج.
وإنك لتقرأ الناقد السكسوني فكأنما تتخيل أمامك دليلا يرشدك إلى رجل يعنيك أن تعامله وتطلع على جميع شأنه أو يرشدك إليه وهو على سجيته كما يكون الإنسان في قافلة للسفر أو بين خاصة أهله أو منفردًا بنفسه. ثم يأبى بعد ذلك خصاله الإنسانية التي تنطوي على مظاهره وشاراته.
وقس على ذلك أبطال الفريقين في القصص والروايات، فبطل الرواية الفرنسية دائما عضو في مجمع تعرفه بهذه الشارة قبل أن تعرفه بصفة أخرى وبطل الرواية السكسونية هو دئما "رجل" قبل كل شيء أو امرأة قبل كل شيء، رجل تعرفه بطبائعه وأخلاقه قل أن تعرفه بوظائفه وشاراته.
عنت لي هذه الخواطر وأنا أقرأ الرسالة الطريفة التي دبجها الكاتب الألماني الأستاذ أنطون الجميل عن "شوقي شاعر الأمراء".
فالأستاذ الجميل يقدم لنا الشاعر في هذه الرسالة كما يقدم الظريف الباريسي صاحبه إلى جماعة الصالون. مجاملة اجتماعية في كل سطر من السطور، فإن كان لا بد من غمزة فهي الغمزة التي تعود في ثنايا الكلام نكتة مستملحة.
ولم يعن الكاتب الأريب بدرس شوقي عنايته بعرض القواعد والشارات التي تتصل بشوقي ومقاصد شعره. فشوقي في هذه الرسالة موضوع تدور حوله القواعد والآراء وليس بإنسان مقصود لذاته من وراء النقد والعرف والمصطلحات.
وفي الرسالة ولا ريب ملاحظات صائبة وآراء رفيعة وإشارات عن