ينكر الدكتور نبوغ الشرقي من الناحية الفلسفية إنكارًا باتا بكل ما في الكلمة من معنى، ولا أدري هل سبب هذا هو أن الدكتور غير ملم بالأصول الفلسفية الحقة أم هو ملم بها غير أنه لم يقو بعد على تحليل هذه الأصول تحليلا صحيحا وتفهمها فهما جيدًا.
ونظرة بسيطة إلى الشرق قبل أن يولد سقراط وأفلاطون، بل قبل أن يعرف شيء عن اليونان جميعها نجد فن التحنيط ولا أراني محتاجا إلى أن أقول لم حنط القدماء في مصر جثث موتاهم؟
فهل هناك شك أن هذه العقيدة التي كان يؤمن بها المصريون القدماء وهي خلود النفس نتيجة بحث فلسفي قيم. الحق أن الفلسفة ظهرت في مصر قبل ظهورها في بلاد اليونان بمئات السنين غير أن سوء الحظ الذي يصادفنا اليوم. هو الذي أخفى هذه الحقيقة.
-٢-
تساءل زكي مبارك١: ما الموجب لإثارة هذه المشكلة؟ وأجاب:
الموجب هو إصرار الدكتور طه على القول بأن مرجع الفكر في الشرق والغرب إلى القدماء من مفكري اليونان وحرصه على إثبات هذا القول في الكتاب المقرر لمسابقة الأدب العربي، وكان قبل ذلك مقررا للمطالعة في المدارس الثانوية.
يضاف إلى هذا أن الدكتور طه. "جعل" القيمة الفعلية من حظ الغرب وجعل البوارق الخيالية من حظ الشرق وانتهى إلى النص بأن الغرب وطن الفلاسفة وأن الشرق وطن الأنبياء.