للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن هذه الأخبار والأحاديث إذا لم يطمئن إليها العقل ولم يرضها المنطق ولم تستقر لها أساليب التفكير العلمي فإن في قلوب الناس وشعورهم وعواطفهم خيالهم وميلهم إلى السذاجة واستراحتهم إليها من جهد الحياة وعنائها ما يحبب إليهم هذه الأخبار، ويرغبهم فيها ويدفعهم إلى أن يلتمسوا عندها الترفيه على الناس حين تشق عليهم الحياة.

أحب أن يعلم الناس أني وسعت على نفسي في القصص، ومنحتها من الحرية في رواية الأخبار واختراع الحديث ما لم أجد به بأسًا، إلا حين تتصل الأحاديث والأخبار بشخص النبي أو بنحو من الدين.

هيكل: ملحق السياسة ١

طه، إنما سلك في هامش السيرة طريق كتاب الغرب ممن يتحدثون عن الأساطير القديمة وينشرونها ويزينونها، وطه إنما قصد إلى إحياء أدب الأساطير حين أملى هذا الكتاب أو حين دفع إلى ذلك دفعًا وأكره عليه إكراهًا إذ رأى نفسه يقرأ السيرة فتملأ بها نفسه ويفيض بها قلبه وينطلق بها لسانه.

وهذه الفصول لم تكتب لذلك للعلماء، للمؤرخين، ولم يرد المؤلف بها إلى العلم ولا قصد بها إلى التاريخ. إنما أراد إحياء الأدب القديم وإحياء ذكر العرب الأولين ولئن لم يطمئن العقل إلى أخبارهم وأحاديثهم، ولم يرضها المنطق:

وهي إن تكن أساطير يضيق بها العقل ويأباها المنطق فليس العقل في الأدب كل شيء. وليس العقل في الحياة كل شيء. ذلك كله يقوله طه في


١ ديسمبر سنة ١٩٢٣.

<<  <   >  >>