مقدمة هذا الكتاب وهو يشير إلى أنه وضعه نموذجا للشباب في استغلال الحياة العربية الأولى واتخاذها موضوعا خصبا للإنتاج في الأدب الإنشائي الخالص.
ولعل طه قد رأى واجبا أن يقدم لكتابه بهذا التحديد للغاية منه لسببين: أولهما: ما ذكر هو في المقدمة من أن قوما سيضيقون بكتابه لأنهم يكبرون العقل ولا يثقون إلا به ولا يطمئنون إلا إليه.
والسبب الآخر: لم يذكره هو المقدمة لأنه سبب يتعلق بشخصه فهو إلى حين وضع كتابه هذا كان من أولئك الذين يكبرون العقل ولا يثقون إلا به، فهذا الكتاب تطور عظيم في نفسية طه وفي نظرته للحياة. تطور صارخ، صارخ يكفي لتبيينه أن نقرأ معا مقدمتين: مقدمة "على هامش السيرة" ومقدمة "في الأدب الجاهلي".
ولا تقل: إن المقارنة غير ممكنة بين كتاب "في الأدب الجاهلي" وهو كتاب يقصد به إلى غرض التحقيق العلمي الدقيق وكتاب "على هامش السيرة" وهو كتاب في الأدب الإنشائي لم يكتب للعلم ولا للتاريخ، فقد مر طه في فترة ما بين ظهور هذين الكتابين بانتقال من العلم إلى الأدب، كان مظهره كتابها: الأيام وفي الصيف.
وهو في هذه الفترة قد كتب مقالات أدبية كثيرة نشرتها السياسة ونشرتها الرسالة ونشرتها الكواكب وما أنتج طه من ذلك لا اتصال بينه وبين الأساطير مما ربع طه في تدوينه وتزيينه في "على هامش السيرة" ولا دلالة فيه على ميله إلى هذا النوع من الأدب.
ثم إن بين "في الأدب الجاهلي" و"على هامش السيرة" موضعا للمقارنة