للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلاهما يتحدث عن العصر الجاهلي الذي سبق مولد النبي عليه السلام والذي عاصر هذا المولد، والكتاب الأول يهدم ما جاءت به الأساطير عن الجاهلية بل يهدم الكثير مما ينسب للجاهلية من شعر ونثر ويراه من وضع المتأخرين لأغراض دينية أو مخالفة للدين. والكتاب الأخير يجلو هذه الأساطير وينمقها. ويرى في ذلك غذاء لما سوى العقل من ملكات الناس.

وطه يذكر أنه دفع لإحياء هذه الأساطير دفعا لم يكن له إلى الإذعان منه بد ومعنى ذلك أن هذه الخطوة من خطوات تطور النفس خطوة طبيعية كان محالا مغالبتها أو التغلب عليها.

ويجب أن نذكره أن هذا الدافع قد بلغ من القوة ما لا يستطيع أحد من الناس مقاومته، فهو كما رأيت قد خطأ في هذا الكتاب من تحقيق العلم الذي ظل عاكفا من قبل عليه سنين إلى أدب الأسطورة الميثولوجية في حياة العرب وفي سيرة النبي وهو إذ خطا هذه الخطوة يعلم أن كثيرًا من هذه الأساطير التي روي إنما هي بعض الإسرائيليات، التي روج اليهود بعد عصر النبي متأثرين بحقدهم على محمد لأنه حاربهم وأجلى الأكثرين منهم عن بلاد العرب ومهد بذلك لإجلاء البقية الباقية بعد زمن قصير من وفاته، متأثرين بحفيظتهم على المسلمين حفيظة جعلتهم يروجون الألوف من الأحاديث المكذوبة على النبي ومن القصص التي تنافي تعاليمه منافاة صريحة، فما عسى يكون هذا الدافع القوي الذي دفع طه إلى هذا التطور فيم يجد بدا من الإذعان ومن صياغة هذه الأساطير في الصورة البديعة الرائعة التي تنفس فيها كتابه الأخير.

وقال الدكتور هيكل: إن الأطور التي مر بها طه في حياته هي التي

<<  <   >  >>