الزيات اليوم ترى من يرفع لواء الأدب بعد أعلامه البارزين في هذه الآونة! ترى هل ينطوي اللواء بعدهم أو تهيئ له الأيام أكفاء تنشره كما نشروه وتعزه كما أعزوه.
ولم يكن اسم واحد من الأسماء الستة أو السبعة الذين أشار إليهم الاستاذ الزيات معروفا تلك المعرفة التي تغني عن إجابة السؤال. وربما كانوا مجهولين كل الجهل في غير مجال الأصحاب أو مجال المتطلعين المتسمعين إلى أبعد الأصداء.
فإذا سألنا في معرفة الجيلين مثل هذا السؤال ورأينا البوادر تملي علينا مثل ذلك من الجواب. فليس من اللازم أن تصدق البوادر وأن ينقضي خمس وعشرون سنة أخرى دون أن يخلف السابقين عوض من اللاحقين.
وإنا لنذكر اليوم الستة أو السبعة القائمين بأمانة الأدب وننسى الستين أو السبعين الذين كانوا يهزلون. كما يهزل البعض الناشئين في أيامنا.
ويتبلغون بالقليل من زاد الاطلاع كما يتبلغ أدباء الساندويتش بيننا. نسينا أولئك الستين أو السبعين لأن الزمان قد نسيهم وعفى على أسمائهم وآثارهم.
ولكنهم كانوا في أيامهم يحجبون ويشبهون الشخوص على الأنظار ويبعثون اليأس ويثبطون الرجاء.
وفي العالم كله نوازع شتى تنزع بالناس الآن إلى الأدب الرخيص أو أدب الساندويتش أو أدب الفاقة والعجلة ... ثم قال: تلك النوازع من بلاد العالم كله على اختلاف النظم الاجتماعية خليقة أن تنصر أدب الفاقة والعجلة وتنحي على أدب اليسار والوقار. ولكنا نرجع إلى العصور الغابرة فلا يصادفنا عصر منها إلا كانت فيه نوازع كهذه النوزاع في نصرة الأدب المبذول وخذلان الأدب الكريم العزيز.