فأما الأدب العربي القديم فلا يمثل إلا أجياله ولا يمثل جيلنا وهو صورة للحياة الاجتماعية التي نشأ فيها، وليس صورة لحياتنا.
وهذا النوع من الأدب العربي القديم لا يصلح أن يمثلنا ولا يسمى أدبًا لنا بالمعنى الدقيق للكلمة ولا يقول به عاقل.
ولست أشك أن قسما منه صالح لكل زمان ومكان، كالحكم والمواعظ وتمثل العواطف العامة المشتركة بين الناس كلهم كالسرور والحزن والوفاء والغدر.
والنتيجة لهذا كله أن الأدب القديم ثقافة الخاصة لا ثقافة العامة. وثقافة العدد القليل لا الجم الغفير، وليس يكفي ذلك وحده في أداء رسالة الأدب العامة إذ هو لا يؤدي رسالته حتى يجد الناس فيه عامتهم وخاصتهم التعبير الفني عن مشاعرهم.
أما الأدب الحديث العربي فهو كذلك لا يكفي لغداء الجيل الجديد لأنه لم يملأ حياتنا، وإن شئت فاستعرض كل شئون الحياة تجده لم يحقق رسالة، فإن أحببت أن تضع في يد أطفالك في سنهم المختلفة كتبا في القصص أو في الثقافة العامة لم تجد إلا القليل الذي لا يكفي على حين تدخل المكتبة الأوروبية فيملأك العجب والإعجاب من وفرة الكتب للأطفال على اختلاف أنواعها ومما حليت به من الصور الجذابة والأسلوب المشوق البديع.
والواقع أن أدب كل أمة يجب أن يساير نهضتها، وأدبنا الآن لا يمثلنا وهو وراء نهضتنا ويجب أن يكون أمامها وهو كالثوب القصير للرجل الطويل. أو كالثوب المرقع للرجل الغني أو كالثوب البدوي للمرأة المتحضرة.