وليس في الأدب كله ضرر نشأ من الصراحة يساوي أو يقرب من الضرر الذي نشأ من الغازات السامة.
قد يقال: إننا يجب أن نراعي الأخلاق ونحتشم في وصف العلاقات الجنسية فإذا فعلنا ذلك هل نمتنع من قراءة "ثورة الملائكة" التي وضعها أناتول فرائس أو "الجريمة والعقاب" لدستوفسكي وفيها أوصاف بالغة الدعارة.
إن الأديب الذي يعالج العلاقة الجنسية قد يصارح القارئ أو المشاهد بأشياء كثيرة، ولكن لإخلاصه وأن بصيرته تنزع إلى السمو لا يستثير في القارئ شيئا من شهوات الدنيا.
إن الذي يثبته علم النفس الحديث أن الصراحة الوقوف في وجه الغريزة الجنسية, والكلام عنها كل هذا لا يضر بل يفيد، إن الذي يضر ويؤذي هو مجابهة الموضوع والابتعاد عنه بتاتا بالقول والعمل.
وهنا نرى مهمة الأديب الصريح إذا عالج موضوع الشهوة الجنسية أمكنه أن يفتح أمام الشباب باب التسامي، أي أن ينقل حبه للمرأة إلى حب للفنون الجميلة عندئذ تستحيل هذه الشهوة البهيمية إلى العمل للشرف والقوة والمجد.
وليس للأدب علاقة بالأخلاق.
إن ستر الحقائق يجعلها أجذب للنفس من ظهورها، وإبعاد المسائل الجنسية عن الأدب أو عدم المصارحة في الكلام فيها يجعل الذهن أعلق بها ويفتح الطريق للكاتب المنحط الذي يلجأ إلى الرجس.
الأدب السافر يجعلهم يمسون الحياة كما هي في الحقيقة والواقع فلا يحدث الانحراف الذي تجلبه المجانبة.