يدعي صديقنا المفضال أن رجال "دار العلوم" لا يمثلون إلا الثقافة الإسلامية وحدها وأنهم لا يزالون حيث كانت مصر قبل اتصالها بأوربا "إذا أنتجوا نعيب إنتاجهم أنهم لم يستطيعوا أن يفهموا روح العصر ولا لغة العصر ولا أسلوب العصر وإنما التزموا التعبير القديم في الكتابة والنمط القديم في التأليف، وتحجرت أمثلتهم ومل الناس بلاغتهم وعمادها رأيت أسدا في الحمام وعضت على العناب بالبرد وعشرة أمثلة عن هذا الطراز.
ومل الناس نحوهم ومداره ضرب زيد عمرا ورأيت زيدًا حسنا وجهه. وسئم الناس منطقهم وكله الإنسان حيوان وكل حيوان يموت فالإنسان يموت وهذا حجر وكل حجر جماد فهذا جماد".
ويخيل إلى قارئ هذه المقالة أن كاتبها لا يعيش على أرض مصر ولا يتصل بعالم العلم والأدب فيها، ولا بالثروة التأليفية التي نهضت في هذا العصر، أو أنه يعرف كل ذلك ولكنه لسبب ما لا يريد أن يعترف به.
"ثم عدد مؤلفات أبناء دار العلوم".
هل نسي الأستاذ أن الأزهر يوم أراد الإصلاح الجديد لم يجد أمامه إلا رجال دار العلوم يستنجد بهم ليقوموا بهذا العمل النبيل فيكونوا رسل الثقافة الحديثة إلى المعهد العتيد، بل هل نسي السيد أن كلية الآداب بالجامعة المصرية التي يعتز صاحب الحلقة المفقودة المزعومة بأستاذيته فيها، لا يقوم عبء التدريس في قسم اللغة العربية فيها والنهضة بها إلا على شيوخ دار العلوم فإذا استثنى الأستاذ نفسه وزميلا فاضلا آخر لم يجد الجامعة إلا إخواننا الفضلاء: إبراهيم مصطفى وطه أحمد إبراهيم وعبد الوهاب حمودة وأحمد الشايب وعبد العزيز أحمد.