فإنك واجد في أهل سنة ١٩٢٣ "يقصد جبران خليل جبران" من يقول في هذه اللغة "لك مذهبك ولي مذهبي ولك لغتك ولي لغتي" فمتى كنت صاحب اللغة وواصفها ومنزل أصولها ومخرج فروعها وضابط قواعدها ومطلق شواذها. من سلم لك بهذا يسلم لك حق التصرف "كما يتصرف المالك في ملكه" وحتى يكون لك من هذا حق الإيجاد ومن الإيجاد ما تسميه أنت مذهبك ولغتك ... لأهون عليك أن تولد ولادة جديدة فيكون لك عمر جديد تبتدئ فيه الأدب على حقه من قوة التحصيل وتستأنف دراسة اللغة بما يجعلك شيئا فيها -من أن تلد مذهبا جديدًا أو تبتدع لغة تسميها لغتك- فإنك عمر واحد بين ملايين من الأعمار في عصور متطاولة وأن ما تحدثه إلى خطأ لا يبقى على أنه صواب ولا ينفي أبدًا إلا كما ينفي العلة على أنها علة فلا يقاس عليها أمر الصحيح ولا يحكم بها فيمن لم يعتل.
إن أعادوا بالمذهب الجديد أن يكتب الكاتب في العربية منصرفا إلى المعنى تاركا اللغة وشأنها متعسفا فيها، آخذا ما يتفق كما يتفق وما يجري على قلمه يجري. إن أرادوا بهذا وأشباهه المذهب الأدبي الجديد قلنا لا ثم لا ثم لا؛ ثلاث مرات. ثم أي خير لأدبنا وعلومنا وكتبنا أن نحرص على الأصل الصحيح القوي الذي في أيدينا ونحتمل فيه ضعف الضعفاء ونصبر على مدافعتهم عن إفساده حتى ينشأ جيل أقوى من جيل وتخرج أمة خيرًا من أمة، أم ندع الإصلاح للفساد ونتراخى في القوة حتى تحول ضعفا.
إن هذه العربية لغة دين قائم على أصل خالد هو القرآن الكريم وقد أجمع الأولون والآخرون على إعجازه بفصحاته إلا من لا حفل به من زنديق يتجاهل أو جاهل يتزندق.