و"وطنية أدبية" ترجع العلة فيها إلى ذلك العقل الباطن الذي يخلط بين الدين والقومية والأدب العربي. ثم قال: إن أهل المذهب القديم يهملون العلم لأن العلوم تتعارض ومعتقدات العرب.
والظاهر أنه يعنى بالعرب المسلمين لا غيرهم.
فالمذهب القديم إذن هو أن تكون اللغة لا تزال لغة العرب في أصولها وفروعها وأن تكون هذه الأسفار القديمة التي تحويها لا تزال حية تنزل من كل زمن منزلة أمة من العرب العظماء، وأن يكون الدين العربي لا يزال هو كأنما نزل به الوحي أمس، لا يفتننا فيه علم ولا رأي، وأن يأتي الحرص على اللغة من جهة الحرص على الدين إذ لا يزال منها شيء كالأساس والبناء لا منفعة فيها معا إلا بقيامها معا.
العلة في الحقيقة لا ترجع إلى مذهب قديم أو جديد بل إلى الضعف في لغة والقوة في أخرى وأن صاحب المذهب الجديد.. آخذ بالحزم في واحدة وبالتضييع في الثانية وأكثر من الإقبال على شيء دون الآخر فتعلق به وأمضى أمره عليه وحسنت نيته فيه واستمكنت فصارت إلى نوع من المعصية للأدب الأجنبي وأهله.
فلما تعطل الزمن وأصبح الأدب صحفيًا، وآلت العربية وآدابها إلى لفيفة في أوراق مدرسية وانزوى ذلك العلم المستطيل واستحكمت المكاتب له كالقبور المملوءة بالتوابيت، وفشت العصبية بيننا للأجنبي. رجع الأمر على مقدار ذلك في صغر الشأن وضعف المنزلة واحتاج أهل هذا القليل من العربية إلى أن يعتبروه كلا بنفسه لا جزءًا من كله فكان لذلك مذهبًا. وكان مذهبا جديدًا.