في تقديره فالماء الحقير في مستنقع جاهلي خير من دجلة والفرات والنيل وكل أنهار الدنيا. والجاريتان اللتان غنتا للنعمان كان صوتهما وغناؤهما خيرا من كل صوت، وكل غناء، ودوسر كتيبة النعمان بن المنذر أقوى جيش عرفه التاريخ، وأيام العرب في الجاهلية ووقائعه الحربية لا يعادلها أي يوم من أيام المسلمين وجبلا علي خير جبال الدنيا, وحاتم الطائي لا يساوي كرمه كرم, حتى الرزائل لا يصح أن يساوى برزائلهم رذيلة, فليس أبخل من مادر ولا أشأم من البسوس ولا أشرف من شظاط".
"قال الدكتور عزام في نقد هذا الكلام الأجوف؛ قال: إنه يقوم على أساس المبالغة والإغراق. وهناك كلمة طواها الدكتور عزام وهي كلمة "الافتراء" فقد افترى أحمد أمين على علماء العرب حين زعم أنهم لا يرون أن أي يوم من أيام المسلمين يعادل أي يوم من أيام الجاهلية ونحن نتحداه أن يثبت أنه رأى شواهد هذا الرأي في أي مكان من كتب الأدب والتاريخ نتحداه، فينطق إن كان على يقين" ... ما رأيك إذا صارحتك بأن كلامك هذا هو الحجة عليك. ألم تقل: إن العرب لم يحسوا الطبيعة في بلادهم.
موقف أحمد أمين:
أردت أن يتحرر الأدب من قيوده التي تنقله وأن يكون الحكم في أدبنا أذواقنا لا أذواق غيرنا وأدبنا معتمدا على شيئين. خير ما في الماضي مما يتناسب وحاضرنا ويبعث على تحقيق أملنا في مستقبلنا ودراسة حاضرنا واستقامة أدبنا. لا أن نعيش في أدبنا على الماضي وحده.
ولا يتم شيء بعد ذلك إذا نظرنا إلى الخلف فقط وإلى الخلف دائما.
ولا يكون شيء من ذلك إلا إذا كسرنا عمود الشعر الذي وضعه الأدب الجاهلي، إنما يكون ذلك يوم نزن الأدب العربي ككل أدب بموازينه الصحيحة من غير عصبية ونصرح بالنقص من غير خجل, ونبني الجديد في غير هوادة ونكسر القديم في غير رفق.