للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان الكتاب إذا ظهر هبت الصحف والمجلات لعرضه ونقده فاللغوي ينقد نقدًا لغويا والمؤرخ ينقده نقدا تاريخيا والأديب ينقده نقدًا أدبيا وتثور معركة حامية بين أنصار الكتاب وأعداء الكتاب.

ولست أنسى ما كان يقوم به الأستاذ إبراهيم اليازجي في نقده لمجاني والأدب وأقرب الموارد كما لست أنسى ما نقد به كتاب التمدن الإسلامي وكان شوقي أو حافظ يقول القصيدة فيقوم ناقد معترض يبين معايبها، ومادح مقرظ يبين محاسنها ومن هذا وذاك يستفيد الأديب ويرقى الأدب.

وكان يؤلف الكتاب الذي مثل كتاب الإسلام وأصول الحكم فتنشب معارك حامية وينقسم المفكرون إلى معسكرين.

تعال فانظر معي الآن إلى ما وصلنا إليه. لقد كثرت الكتب يخرجها المؤلفون وأصبح الإنتاج الأدبي أضعاف ما كان. ولكن من الغريب أن تحدث هذه الظاهرة وهي رقي الأدب وانحطاط النقد.

ولكن ما هي علامات هذه الظاهرة في الأدب العربي؟

أهمها أن النقد الصريح الصحيح يحتاج إلى شجاعة أدبية قوية من الناقد ورحابة صدر من المنقود وقد حدث في تاريخ مصر الحديث أن جماعة تسلحوا بالشجاعة الأدبية في مصر فألفوا كتبا عبروا فيها أن آرائهم في جلاء ووضوح وكتبوا مقالات تعبر عما يختلج في نفوسهم وإن لم تكن على هوى الجمهور، ونقدوا أدب الأدباء وإن بلغوا القمة في نظر الناس فكان صراع بين القديم والحديث وبين التفكير الحر والتقاليد ولكن هذا الصراع انتهى بهزيمة هذه الطليعة من المعسكرين وتعرضوا للخطر في


١ الرسالة ١٥ نوفمبر ١٩٤٣.

<<  <   >  >>