للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن الشرقيين تبهر عيوننا دئما كلمة "مصلح" بقدر ما نستهين بكلمة فنان. إن الفنان ليس مصلحا ولكنه هو صانع المصلح. كل أولئك المصلحين ما كونهم وهيأهم لرسالات الإصلاح غير أدب الأدباء، وشعر الشعراء وفن الفنانين. وإن الفنان هو مصلح المصلح ولا شيء غير ذلك أما أن ينزل الفنان بفنه إلى الميدان فيناقش ويدافع ويهاجم وينافح, فهذا ما لم نره حتى الآن في فن استحق البقاء في أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات.

أما أن يخدم الفنان والعالم أمته وقومه فهذا واقع بالبداهة والضرورة. لأن آثار الفن والعلم لا تبقى ولا يمكن أن تبقى إلا إذا رأى الناس في بقائها منفعة.

أحمد أمين:

إني أوافقك تمام الموافقة على أن الأدب أخلد من العلم، ومن النظريات السياسية والاجتماعية، والعلة في هذا أن الأدب متصل بالعاطفة والعواطف بطيئة التغير. أما العقل ففي تغير مستمر ورقي مستمر، فما يصلح له أمس لا يصلح له اليوم، وما يصلح له اليوم لا يصلح له غدا.

إن الأدب يجب أن يكون صورة للنزاعات كلها السامية منها والوضعية. أما أن يكون كله أو أكثره تصويرا للعلاقات الجنسية ففقر في الأدب، وضيق في الأفق.

إن أدب الأمة الحق ما صور الأمة وصور الحياة في مختلف نواحيها وكما أن الحياة الحقة ما انسجمت فيها نواحيها، فكذلك الأدب الحق ما انسجم إنتاجه، فإذا كان أدب أمة واسعًا عريضًا في الحب والعلاقة الجنسية ضيقا كذا فيما عداه فهو صورة مشوهة لا تمثل الواقع. إنكم مقررون أن كل شيء صالح

<<  <   >  >>