لن يصل إلى مرتبة الآداب الأوروبية إلا إذا خاض مثلها في طريق الحياة العامة. فنقد الفاسد من أوضاع المجتمع وقوم المعوج واقترح وسائل الإصلاح ونادى بالنافع من العلاج والمستحدث من النظم.
وهنا يجدر بنا أن نسأل: هل من الحق أن الأدب الأوروبي بلغ مبلغه بفضل نزوله معترك الحركات الإصلاحية, أو بفضل قيمته الفنية ومزاياه الأدبية.
الذي أعلمه هو أن أناتول فرانس أديب وأن برناردشو مؤلف مسرحي وأن تولستوي قصصي.
وتلك هي صفاتهم التي تؤخذ على سبيل الجد أما ميول فرانس وشو الاشتراكية ونزعات تولستوي الإصلاحية فهي نواح ينظر إليها تارة بغير احتفال وتارة أخرى على أنها توابع أو ظواهر ودلائل قد تفسر على ضوئها بعض أعمالهم الأدبية أو آثارهم الفنية.
لقد تحدث الأستاذ أحمد أمين في أكثر من موضع عن الرويات الغرامية وعرامة الحب بما ينم عن الازدراء. كم من المؤلفات المملوءة بالإرشاد والإصلاح.
قد نشرت وظهرت ولم تحتفظ بها ذاكرة الزمان ولكنها احتفظت بقصة غرامية أو قصيدة غزل أو رواية حب عارم. كلا؛ لا ينبغي علينا أن نملي على الفن اتجاها بعينه ولا يجوز لنا أن نوصيه بارتداء لباس الحكمة الرزينة أو رداء الإصلاح الوقور.
إن الآداب الأوروبية لم تحترم يوما فنانا أديبا لأنه مصلح, ولكنها قد تحترم المصلح إذا كان أديبا أو فنانا.