ومن قوله:"لأمر ما شعروا بالحاجة إلى إثبات أن القرآن كتاب عربي مطابق في ألفاظه للغة العرب", فإنه لم يخلص من مثل:
"وفي القرآن سورة تسمى سورة الجن أنبأت أن الجن استمعوا للنبي" ومن مثل قوله: "فلأمر ما اقتنع الناس بأن النبي يجب أن يكون من صفوة بني هاشم" وهذه القطعة التي وصفتها النيابة بسوء الأدب في حق النبي، وكان ينبغي أن تحذف ومن مثل قوله:"لأمر ما شعروا بالحاجة إلى إثبات أن القرآن كتاب عربي مطابق في ألفاظه للغة العرب", فإن التهكم المستتر طي هذا الكلام وكثير غيره من الكتاب أخفى من أن يستطاع إثباته بالبرهان المنطقي على ما يظهر، على أن هناك على حذف المحذوف ملاحظة جديرة بالذكر هي أن صاحب الكتاب حذف من غير أن يذكر أسباب الحذف. وهذه نقطة لها خطرها فقد جرت سنة العلماء إذا نشروا بحثا ألا يغيروا منه من غير أن يقرنوا التغيير بالتنبيه إلى الأسباب التي دعت إليه خصوصا إذا كان التغيير رجوعا في الظاهر عن رأي كان الباحث قد ارتآه وأذاعه باسم العلم كما وقع من صاحب الكتاب.
فحذفه ينفع صاحبه من غير شك لأنه يخلصه من عار ذلك الخطأ ومن كل ما ينطوي تحته من دلالة على مبلغ صاحبه من العلم ولا في غير العلم ما يمنع من التخلص من مثل هذا العار ولكن بشرط واحد هو إقناع المخطئ بأنه قد أخطأ واعترافه بذلك من غير مراوغة ولا غمغمة وصاحب الكتاب لم يعترف وليس هناك ما يدل على أنه اقتنع.
إن التجديد في الأدب كالتجديد في العلم لا يمكن أن يقوم إلا على أساس تعاون الحاضر والماضي، سيبنى العقل في حاضره على ما أسس العقل