هذا الرأي، فطبيعة مصر تختلف اختلافا طبيعيا عن طبيعة بلاد العرب.
والحياة المصرية، تختلف عن حياة العرب وللمصريين عقلية خاصة تختلف أيضًا عن عقلية العرب فكل الظروف تدل على أن المصريين يختلفون عن العرب في أشياء كثيرة وإن كان المصريون والعرب -كما يقول البعض- من أصل واحد إذ إنهم اتصلوا ببعض اتصالا يكاد تاما حتى حينما دخل العرب مصر وهاجرت قبائل عربية إليها واستوطنوا بها، نرى الحياة التي كانوا يحيونها قبل دخولهم مصر تتغير ويصبحون كالمصريين في كل شيء، والثقافة العربية نفسها التي حملوها إلى مصر اختلفت في كثير عن الثقافة العربية في البلاد الأخرى.
ثم إن اللغة العربية التي يدرسونها لمصر محدودة لا تتعدى اللغة والشعر وبعض القصص، أما العلوم الأخرى من فلسفة ومنطق وغيرهما فلم يكن للعرب حظ منها وإنما عرفها المسلمون بعد الفتوح الإسلامية.
كل الذين يسمون الثقافة الإسلامية بالثقافة العربية قد أخطئوا في هذه التسمية لأن هذه الثقافة اشتملت على علوم وأفكار ليست عربية في شيء كما أن القائمين بها كثرتهم من غير العرب.
ولكن هذه الثقافة الإسلامية لا تكفي وحدها لأن تكون ثقافة مصر بعد أن رأيت هذا الجمود الذي حل برجال الأزهر نتيجة اتخاذهم الثقافة الإسلامية وحدها دون غيرها.
ثم عمدنا إلى الثقافات الأجنبية المختلفة التي كلف بها المصريون وأحبوها.