للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها، أهي مما يحمل على الشك في نسب رجل لم يشك في نسبه الذي رواه المؤرخون أحد. من يوم أن روى ذلك النسب إلى اليوم.

ألا فليحدثنا الدكتور طه: أيكون لزاما على كل شاعر أن يمدح أباه وأن يفخر به وأن يرثيه وأن يظهر الحزن عليه حين يموت؟ فإن لم يفعل الشاعر ذلك فهو شاعر لا يعرف أباه! إني أجد من الشعراء من فخر بأبيه وقد كان ذلك في شعر كثير, وأجد فيهم كثيرا لا يعد كثرة لم يفخر بأبيه ولا ذكره في شعره، أفكل هؤلاء لم يعرف أباه. ولا يثبت نسبة لضعفه وخسته.

ليحدثنا الدكتور الجليل عن هؤلاء الشعراء الذين أظهروا الحزن على آبائهم حين ماتوا، وليرجع الدكتور إلى ما شاء من كتب الشعر وكتب الأدب فيجمع لنا أسماء الشعراء الذين رثوا آباءهم وحزنوا عليهم وليثبت أن هؤلاء كانوا من الأشراف ذوي الأنساب وأن سائر الشعراء الذين لم يفعلوا مثل الذين فعلوا من السوقة والملطمين اللقطاء الذين لا يعرفون آباءهم ولا يثبتون أنسابهم.

إن الدكتور طه رجل ذكي صاحب حيلة نفاذ. فربما رأى الرأي فأراده ليتخذه رأيا فيختلق له الأسباب فيرى الأسباب لا تغني في الرأي وأن الاعتراض يأكلها سببا سببا فيحتال بجعل الاعتراض في سياق قوله، وأتى به على وجهه ليجعله ظهيرا لرأيه وهذا الذي تقوله ليس برغم من عند أنفسنا بل هو ما ترى.

رأى الدكتور طه أن إغفال الشاعر ذكر أبيه لا يدل على شيء البتة وإن الشعراء الذين لم يفخروا بآبائهم ليسوا أقل نسبا ولا أحط مغرسا من الذين فاخروا ونافروا آباءهم، وأن التاريخ يحدثنا أن أبا جرير الشاعر لم

<<  <   >  >>