للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: إن المقاومة التي تلقاها اللاتينية واليونانية في مصر نشأت من هذا النقص الأساسي.

ثم يقول: "أنا أسمع في أثناء إملائي هذه الكلمات صياح الصائحين وأحس هياج الهائجين وأشعر بما سيثور من سخط ولكني مع ذلك مقتنع بما أقول, مذعن بصواب ما أدعو إليه، ملح في هذه الدعوة, غير حافل بالرضا ولا بالسخط ولا معني إلا بما أعتقد أنه يحقق المنفعة الثقافية للمصريين".

"الرد": من المعلوم أن اللغة اللاتينية كانت لغة روما في القرن الأول غير أنها صارت بعد ذلك لغة الطبقة المديرة والمستثيرة في جميع أنحاء أوربا الغربية عندما دخلت تحت حكم روما, كما أصبحت لغة الدين والصلاة في تلك البلاد عندما اعتنقت الديانة المسيحية, وأخيرًا صارت من دعائم الكنيسة الكاثوليكية عندما تكونت الكنيسة المذكورة وأخذت تبسط سلطتها على جميع الدول والدويلات التي تدين بها.

أما اليونانية فقد حافظت على كيانها في معظم البلاد التي انتشرت فيها بالرغم من استيلاء الرومان عليها, كما أنها أصبحت لغة الدولة بعد انفصال الشرق عن الغرب وتكون الإمبراطورية الشرقية مستقلة عن إمبراطورية روما الغربية كما أصبحت لغة الدين والصلاة في العالم الأرثوذكسي عندما اعتنقت الإمبراطورية المذكورة الديانة المسيحية.

بهذه الصورة تقاسمت اللغتان اللاتينية واليونانية السيطرة على الحياة الدينية في أوربا المسيحية, فأصبحت الطقوس والصلوات المسيحية تحت احتكار اللاتينية في أوربا الغربية في جميع البلاد التي اعتنقت المذهب الكاثوليكي, وتحت احتكار اليونانية في أوربا الشرقية في جميع البلاد

<<  <   >  >>