بذلك روعتها، ولكنها مع ذلك سراب تبدده الحقائق والظروف الواقعة. بل إن التعلق بها ضار في نظرنا بجهود الأمم العربية بما قد ينبه إليها من الوهن المترتب على إغفال الحقائق.
على أننا نسيغ هذه الجامعة العربية بمعنى أدق وأكثر تحديدًا هو تقوية الروابط الفكرية والاجتماعية بين الأمم العربية وتنظيمها وتوجيهها إلى ما يرفع روح هذه الأمم وعقليتها ويصقل تفكيرها وهمها.
وهنا تعرض مسألة القومية المصرية بصورة بارزة فمن الخطأ البين أن تنضم مصر في سلك البلاد العربية، إذا تعلق الأمر بالناحية القومية، فالقومية المصرية قديمة وأثيلة، وقد وجدت الأمة المصرية منذ أقدم عصور التاريخ واقترن اسمها بحضارة من أقدم وأمجد الحضارات.
فلما جاء الفتح الإسلامي، وكانت مصر ولاية رومانية ولكنها كانت أمة فورثت من غزاتها الجدد: الإسلام واللغة العربية، ولكنها حافظت على خواصها القومية ونشأت في ظل الإسلام أمة مصرية مسلمة عربية لا بخواصها الجنسية ولكن فقط باللغة التي تنطق بها ولم تفقد قط شخصيتها المصرية في ظل الدول الإسلامية المختلفة.
هذه "المصرية" هي في الواقع دعامة شخصيتنا القومية فلسنا نفهم كيف ينكرها علينا بعض إخواننا من العرب؟ وكيف يتخذونها مثارًا للانتقاص من موقف مصر إزاء الأمة العربية؟ وهي ترى من وراء محيط العربية أو العروبة الضيق محيطا أوسع وأبعد مدى هو محيط الأمم الإسلامية.
أما العمل تحت لواء العربية أو العروبة فأصلح ما يرتبط في نظرنا بالجانب الفكري والاجتماعي.