وكتب١ الدكتور هيكل: تعليقا على كتاب حسن صبحي "قصص البردي" فقال:
بين مصر الحديثة ومصر القديمة اتصال نفسي وثيق ينساه كثيرون ويحسبون أن ما طرأ على مصر منذ عصور الفراعنة من تطورات في نظم الحكم وفي العقائد الدينية وفي اللغة وفي غير ذلك من مقومات الحياة، وقد فصل بين هذه الأمة الحاضرة وبين الأمة المصرية القديمة فصلا حاسمًا جعلنا إلى العرب أو إلى الرومان أقرب منها إلى أولئك الذين عمروا وادي النيل في ألوف السنين التي سبقت المسيحية.
فكيف ترى المصريين الذين يتكلمون العربية المصرية اليوم، والذين يتصورون الأشياء على ما تريدهم لغة العرب أن يتصوروها، تتصل حياتهم النفسية فيما يتعلق بالتصور والخيال بحياة الذين كانوا يتكلمون الهيروغليفية بما كانت تحمله ألفاظها وعباراتها المتوارثة إلى القلوب والعقول من صور.
لا سبيل إلى إنكار ذلك الاتصال النفسي الوثيق الذي يربط تاريخ مصر منذ بدايته إلى عصرنا الحاضر وإلى آخر العصور المستقبلة التي يمكن أن يعرفها التاريخ ولئن تبدلت أسباب العيش ما تبدلت. فسيبقى أبدًا هذا الاتصال النفسي الوثيق الذي يجعل من مصر وحدة تاريخية أزلية خالدة فيما يصل إليه عقلنا من تصور الأزل والخلد مادام النيل ومادامت سماء مصر ومادامت هذه الطبيعة الباقية في هذا الوادي، ومادام ناس يعتمدون فيه على ما يورث