أن المازني تعمد أخذها، لقلت: إنه خان أصحابه بهذه الأعمال، ولكني لا أصدق تعمد أخذها ولو أني رأيت الآن عفريتا لما عراني من الحيرة والدهشة قدر ما عراني لرؤية هذه الأشياء ولا أظن أني أبرأ من دهشتي طول عمري, وفي أقل من ذلك مبررًا لمروجي الإشاعات والتهم، لا أظن أن أحدًا يجهل مدحي المازني وإيثاري إياه وإهدائي الجزء الثالث من ديواني إليه وصداقتي له ولكن كل هذا لا يمنع من إظهار ما أظهرت، ومعاتبته في عمله لأن الشاعر مأخوذ إلى الأبد بكل ما صنع في ماضيه حتى يداوي ما فعل ويرد كل شيء إلى أصله وليس الاطلاع قاصرًا على رجل دون رجل حتى يأمن المرء ظهور هذه الأشياء ولسنا في قرية من قرى النمل حتى تخفى.
٢- شكري؛ انتحال المعاني الشعرية ١:
لقد كان يعد الاطلاع على آداب الغرب جريمة وتهمة في أعين الأدباء إذ إنه مظنة السرقة وذلك لأن بعض الشبان لا يدين بدين الملكية في الآداب والواقع أن العقول مثل التربة تحتاج إلى أن تتعهد بما يظهر خصبها.
ولو كانت المسألة التي أتكلم فيها تافهة لما تعرضت لها, ولكنها تشمل قصائد ومقالات كثيرة تسيء ظن الناس بأهل العلم والابتداع وتبعث على الفوضى في العلوم والآداب، وقد شاعت حتى لم يمكن كتمانها، على أن كل أديب حارس من حراس الأدب ومن واجبه ألا يغفل عن حراسته.
وهناك دافع آخر دفعني إلى الكتابة أو إظهار هذه المآخذ وهو الرغبة في الخلاص من مظان الريب. فقد اعتاد بعض الناس أن يقرن اسمي إلى اسم المازني والعقاد للمودة التي بيننا, ولكنها مودة لا تحمل كل واحد منا عيوب.
١ مجلة المقتطف يناير ١٩١٧ ص٢٨ وقد واصل شكري اتهامه للمازني.