أخيه فحسب المرء منا أن يحمل عيوب نفسه ولكن الجمهور لا يستخدم المنطق في كل رأي يراه.
إن المودة التي بيني وبين المازني قديمة، ومن أجل ذلك لم أعرف كيف يسوغ لي أن أكتب هذا المقال, ولكني شرحت الأسباب التي دعتني إلى الكتابة, وقد شاع بين الأدباء أن المازني قد أخذ بعض قصائد كاملة من شعراء الغرب وأفكار متفرقة غير أني لم أنتبه إلى هذه التهمة, وأهديت إليه الجزء الثالث من ديواني علامة على ثقتي ومودتي، ولكن أحد الأدباء لفتني إلى قصيدة "فتى في سياق الموت" في ديوان المازني وهي مأخوذة من قصيدة لتوماس هود الشاعر الإنجليزي ثم لفتني آخر إلى قصيدة "قبر الشعر" في ديوانه فإذا هي للشاعر هيني الألماني, وقد كنت أقرأ عرضا في تينسون الشاعر الإنجليزي فرأيت فيه قصيدة الذكرى التي قال المازني: إنها له، ثم أرسل إلي المازني بعد ذلك قصيدة "الوردة الرسول" فإذا هي للشاعر ولز الإنجليزي, ونشر في جريدة عكاظ قصيدة "الراعي المعود" فإذا هي للشاعر لويل الأمريكي, وبينما كنت أحادث أحد الأدباء في شعر المازني وهو الأديب أمين أفندي مرسي لفتني إلى قصيدته البائية التي سماها الشاعر المحتضر فإذا هي من قصيدة أوديني لشلي الشاعر الإنجليزي وهي التي قالها في رثاء كيتسي ورأيت بعد ذلك قصيدة "شوكة الحسن" فإذا هي لهيني الألماني.
وقد نبهت المازني إلى هذه القصائد فاعترف أنها ليست له ولكنه قال: إنه نظمها وهو يظن أنها له. ذلك لأنه حفظ المعاني ونسي أنها لغيره، فبينت له أن الأبيات والمعاني متسلسلة والترجمة دقيقة جدا، فأصر على فكرته السيكولوجية وقال: إن ذلك جائز في علم السيكولوجيا, ولكنه وعد أن يتجنب مثال هذه المآخذ في المستقبل, ولم يف، إذ إنه بعد ذلك أنشدني قصيدة