هذا وأوكد لصديقي المازني أني أحبه وأوده بالرغم من ذلك وأدع للقارئ أن يحكم أمصيب أو مخطئ أنا في إظهار ما أظهرت، وليس لي أن أتملك هذه المآخذ أو أتهم المازني بأنه تعمد أخذها.
٣- أبو شادي؛ انتحال المعاني الشعرية ١:
قرأت ملتذا رسالة الأستاذ عبد الرحمن شكري في موضوع انتحال المعاني الشعرية وانتقاد شعر المازني فأكبرت شعوره بالواجب نحو الأدب دون تحيز بحكم صداقة أو قرابة في المذهب الشعري، وهذه صفة تكاد تكون معدومة في مصر لأنها فوق الشجاعة الأدبية التي تعتبر عن ندرتها بيننا من نقائص الأخلاق المصرية.
ويلوح لي أن بين الأسباب التي دفعت شكري أفندي إلى الجهر بتلك الملاحظات غيرته على حسن سمعة صديقه المازني الذي أبدع أيما إبداع في ديوانه باكورة ثماره الشهية, وظهر بين أقطاب الشعر الحديث الذي تتكسر فوق درعهم نبال الجامدين, وقد كان هؤلاء المجاهدين الأبطال يغنمون الموقعة كما غنمها من قبل شوقي ومطران وغيرهما ممن حرروا الشعر العربي بعد اعتقاله الطويل.
الشعر العربي آخذ في تدرج راق سريع، شكري وأمثاله منة كبيرة عليه للروح الجديدة العالية التي نفحوها فيه وهو يغدر إذا خشه أن تعبث العواطف بمجهوداته ومجهودات أقرانه فقال كلمة نصح وتحذير, ولكن اقتدار المازني المشهور به ضمين بفوزه مهما عدت له العثرات، وما الابتكار بعزيز على خاطره الفياض بالآيات البينات, ومهما تشابهت نغماته مع أنغام
١ مارس ١٩١٧ ص١٨٧ "المقتطف" وقد دخل المعركة من لندن.