وقبل صدور خلاصة اليومية بأربع سنوت أو خمس اشتركت في تحرير الدستور ونشرت فيه فصولا متعاقبة عن شعراء الفرس المترجمين إلى اللغة الإنجليزية.
بل لقد لقيت الأستاذ شكري وهو يعلم لي رأيا مكتوبا في الأدب وحكما مستقلا في النقد إلى أن أقدم ديوانه الثاني الذي طبعه على أثر عودته من البلاد الإنجليزية فقدمته.
فدراستي الآداب الأوربية ومطالعاتي في تاريخها ومذاهبها سابقة لمعرفتي بالأستاذ شكري والمازني، إنني لم أغير مناهج قراءتي بعد سنة ١٩١٣ أقل تغيير. ولكن الأستاذين شكري والمازني هما اللذين غيرا منهجهما في القراءة فالتفتا إلى النقد العلمي الفلسفي بعد أن كانت القراءة عندهما شاخصة كلها -في هذه الناحية- إلى النقد الأدبي المحض على أسلوب ماكولي ومن إليه، وظهرت في كتابتهما أسماء ماكس نوردو ولمبروز لسنغ ونيتشه بعد أن كانت خلوا منها وهم النقاد الذين عنيت بهم منذ البداية.
الواقع أنني بدأت بقراءة الأدب الإنجليزي قبل سنة ١٩٠٣. وأنا بعد تلميذ بالمدرسة الابتدائية في بلدي أسوان وساعدني على ذلك أسباب لعلها خاصة بمدينة أسوان بين المدن المصرية.
ولقد كانت أسوان تزدحم بالمئات من علية الأوروبيين الذين يفدون إليها من أقطار أوربا في الشتاء, فكنا نحادثهم ونسمع منهم ونغتبط بالمرانة التي نستفيدها بمحادثتهم والإصغاء إليهم.
وإذا أقبل الشتاء تفتحت المكتبات في أسوان وفيها ذخيرة صالحة من المصنفات الإنجليزية التي كانت تشيع بين القراء في تلك الأيام.