للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتم: ولا تصدق ما يقوله بعض المصريين من أنهم يعملون للعروبة، فالفرعونية متأصلة في نفوسهم، ثم أضفتم إلى ذلك حكما قاطعا فقلتم: "وستبقى كذلك".

فهل تسمحون لي أن أستوضحكم ما تقصدونه من كلمة "الفرعونية" هل تقصدون منها الأخذ بحضارة الفراعنة؟ أم الاعتزاز بثقافة الفراعنة؟ أم تقصدون بث اللغة الفرعونية أو الآداب الفرعونية أو الديانة الفرعونية أو السياسة الفرعونية؟

أنا لا أستطيع أن أشك في أنكم لم تقصدوا منها الحضارة أبدًا؛ لأنكم لستم -بدون ريب- ممن يقبلون لمصر ولغير مصر حضارة في هذا العصر غير الحضارة العلمية الحالية، كما لا أستطيع أن أشك في أنكم لم تقصدوا من هذه الكلمة "الديانة الفرعونية".

إنكم أشرتم في حديثكم إلى الآثار الباقية من عهد الفراعنة بشكل يستوقف الأنظار وأردتم أن تدعموا آراءكم. بجلال تلك الآثار إذ قلتم: "لا تطلبوا من مصر أن تتخلى عن مصريتها"، وإلا كان معنى طلبكم: اهدمي يا مصر أبا الهول والأهرام، وتغاضي عن جميع الآثار التي تزين متاحفك ومتاحف العالم، وانسي نفسك واتبعينا".

يظهر من هذه التأويلات أنكم تودون أن تخلقوا للفكرة العربية خصوما من الآثار القديمة وأن تضعوا في سبيل تيار هذه الفكرة سدودًا من الرموس والأطلال، فهل فاتكم أن التعارض والتصادم لا يحدثان إلا بين الأشياء التي تسير على مستوى واحد. في عالم واحد؟

وإن الفكرة العربية التي تعمل في القرن العشرين -للأجيال القادمة-

<<  <   >  >>