لا يمكن أن تتعارض مع آثار بقيت ميراثا من ماض سحيق، يرجع إلى أكثر من خمسة آلاف من السنين؟
إن مصر قد تباعدت عن ديانة الفراعنة دون أن تهدم أبا الهول، وتخلت عن لغتها القديمة دون أن تقوض الأهرام. وجميع آثار الفراعنة التي زينت بها متاحف مصر ومتاحف العالم لم تولد نزوعا للعودة إلى الديانة التي أوجدت تلك الآثار الخالدة، ولا حركة ترمي إلى بعث اللغة التي رافقتها خلال قرون طويلة فهل من موجب لطلب هدم الأهرام وتناسي الآثار لأجل الوحدة العربية.
إن الأهرام -مع جميع الآثار الفرعونية- لم تمنع مصر من الاتحاد مع سائر الأقطار العربية اتحادًا تامًّا في ميدان اللغة، فهل يمكن أن تحول دون اتحادها مع تلك الأقطار في ميدان السياسة أيضًا!
كلا أيها الأستاذ: إن التيارات القوية العميقة التي جرفت حياة مصر إلى اتجاهات جديدة منذ عشرات القرون، والتي أخرجتها من ديانتها القديمة وأنستها لغتها الأصلية بالرغم من وجود الأهرام وقيام أبي الهول سوف لا تحتاج إلى هدم شيء من آثارها القديمة؛ لتجرفها نحو السياسة التي يؤمن بها دعاة الوحدة العربية. ولا سيما أن هذه السياسة ليست إلا نتيجة طبيعية للغة مصر الحالية ووضعها العام.
قلتم: أتريدون أن تتحقق الوحدة العربية؟ فعلى أي أساس علمي تنادون بها؟ تعالوا معي نستعرض الروابط التي تصل مصر بالأقطار العربية الأخرى.
لقد وقفتم أولا أمام قصة "الأصل والدم" وقلتم: إن الأكثرية الساحقة من المصريين لا تمت بصلة إلى الدم العربي، بل تتصل مباشرة بالمصريين القدماء.
وأسألكم بدوري: هل علمتم بوجود أمة على الأرض انحدرت من