لولا أنه لا يعرفني ولا يريد أن يلقاني حتى أقرأ كتابه وأكون لنفسي رأيا فيه ثم يقصان علي الكثير من أطواره الغريبة حتى يثيرا في نفسي الشوق إلى لقائه وإلى النظر في كتابه، فإذا انصرفا أقبل صديق ثالث فلا أكاد أحدثه بما كان من أمر الصديقين حتى يثني على الكاتب ويثني على الكتاب ويزعم لي أنه قرأ الكتاب مخطوطا قبل أن ينشر.
٢- فإذا كان الفصل الثاني فقد أخذت أقرأ في الكتاب فأرضى عنه ثم أعجب به، ثم أكتب عنه فصلا في الرسالة أسجل فيه هذا الإعجاب وذلك الرضى، وملاحظات يسيرة لا بأس فيها على الكاتب ولا على الكتاب، وما يكاد يلقى الستار على هذا الفصل وتستريح النظارة في وقت الراحة بين الفصول حتى أتلقى رسالة برقية ملؤها الشكر وعرفان الجميل ومصدرها الأستاذ توفيق الحكيم.
٣- ثم يكون فصل ثالث، وإذ بالأستاذ توفيق الحكيم قد سعى إلي من إقليمه الذي كان يعمل فيه، وهو يشكر لي تشجيعي له ويغلو في هذا الشكر ثم يلقي أموره الأدبية كلها إلي, ويطلب مني أن أكون مرشدًا وحاميا فأقبل منه هذا كله سعيدا به مبتهجا له، وأتحدث إلى الإستاذ حديث الصديق المحب المعجب.
ويتكرر هذا المنظر مرات.
ثم يكون منظر آخر، مجتمع معه مع أصدقاء لنا يعرفهم الأستاذ، ونتشاور في أمره هو لا في أمرنا نحن، فهو يريد أن ينتقل من الأقاليم إلى القاهرة لأنه ضيق بحياة الريف, وفي وزارة المعارف عمل قد يلائمه وهو يميل إلى هذا العمل، ولكني أنا لا أميل إليه.
والأستاذ وأصدقاؤه يلحون في العرض وأنا ألح في الرفض.