للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلها، حتى يصلني به التليفون فأداعبه وألاعبه وأترضاه وأتلطف له وأقبل منه وأهدي إليه حتى يرضى وتطمئن نفسه الثائرة أو التي كنت أحسبها ثائرة ويهدأ قلبه المضطرب أو الذي كنت أظنه مضطربا.

ثم تكون مناظر أخرى تجري الحياة فيها بيننا كما تجري بين الأصدقاء ثم تكون مناظر أخرى، أسمع في بعضها اللوم لأني أحب توفيق الحكيم وأقرأ في بعضها الشتم لأني أكبر توفيق الحكيم وأنا أبتسم للوم اللائمين وأضحك لشتم الشاتمين، لأني لم أحب هذا الكاتب إلا لأنه ألهمني الحب، ولم أعجب بهذا الكاتب إلا لأنه ألهمني الإعجاب.

ثم أكتب إلى المصور فصلا عن الأدب التمثيلي في مصر فلا يكاد ينشر حتى يتحدث إلي من يتحدث بأن الكاتب الأديب مغضب من هذا الفصل لأني لم أنصفه فيه، ولأني زعمت أن قصصه التمثيلية على حالها وروعتها قد لا تلائم الملعب المصري فلا أحفل بحديث المحدثين وأقرأ في المصور بعد ذلك ردًا من توفيق فيه عوج كثير فأقوم هذا العوج مداعبًا لصاحبه ملاطفا له. ثم يبلغني أنه قد سعى إلى بيتي مساء الاثنين الماضي فلم يجدني فيه وترك لي تحيته ومودته وانصرف ثم أكتب عن "شهر زاد" فلا يكاد يظهر حديثي عن "شهر زاد" حتى أتلقى من صديقي توفيق هذا الكتاب صباح الخميس، لا يحمله إلي البريد وإنما يحمله ساع خاص، ولا يكتبه توفيق بخطه وإنما يضربه على الآلة الكاتبة ضربا ويتفضل الصديق فيمضيه بخطه وأنا أنشر هذا الكتاب لأنه سيكون باقيا على الدهر ولأنه سيقع من الكتاب والناقدين في هذا العصر موقع الوصية التي زعموا أن عبد الحميد قد أذاعها في الكتاب القدماء آخر أيام بني أمية.

<<  <   >  >>