للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظهر أني سيئ الحظ معك، وأنك سيئ الحظ معي هذا الأسبوع، فلقد قرأت مقالك عن شهر زاد وما أحسبنا تلاقينا فيه عند رأي, فأما قولك أني أدخلت في الأدب العربي فنا جديدًا وأتيت بحدث لم يسبقني إليه أحد، فهذا إسراف سبق لي أن أشرت إليه في خطاب مني إليك من أدب الجاحظ ذكرت فيه يومئذ أن للجاحظ ملكة في إنشاء الحوار تذكرنا ببعض كتاب المسرح من الغربيين، فما أنا إذا بمبتدع، وإنما أنا أحد السائرين في طريق شقه الشرق من قبلي.

وأما نصيب قصصي من البقاء فلست أعتقد أن لناقد معاصر حق الجزم به وما بلغت من البساطة حق تصديق ناقد يتكلم في هذا, فإن الزمن وحده هو الكفيل بالحكم على الأعمال بالبقاء فأنا كما ترى لا أسمح لنفسي بقبول مثل هذا الثناء, كذلك لست أسمح لأحد أن يخاطبني بلسان التشجيع فما أنا في حاجة إلى ذلك فإني منذ أمد بعيد أعرف ماذا أصنع ولقد أنفقت الأعوام أراجع ما أكتب قبل أن أنشر وأذيع، كما أني لست في حاجة إلى أن يملي علي ناقد قراءة بعينها فإني منذ زمن طويل أعرف ماذا أقرأ, وما أخالك تجهل أني قرأت في الفلسفة القديمة والحديثة وحدها ما لا يقل عما قرأت أنت, وما أحسبك كذلك تجهل أني أعرف الناس بما أحتاج إليه من أدوات، فأرجو منك أن تصحح موقفي أمام الناس وألا تضطرني إلى أن أتولى ذلك بنفسي.

وأؤكد لصديقي توفيق أني لم أنشر كتابه هذا إلا تصحيحا لموقفه أمام رؤسائه وأمام نفسه, فيعلم رؤساؤه منذ اليوم أنه قد أساء إلي عمدا وفي غير ما يبيح الإساءة، وأنه قد قطع ما بينه وبيني من صلة، وأنه قد سجل هذه القطيعة في كتب, وأني قد سجلت هذه القطيعة في صحيفة سيارة ليشيع أمرها بين الناس، وأظن أن رؤساءه منذ اليوم سيرفقون به, ويعطفون به ويحسنون الرأي فيه، وأظن أنه سيحس منهم ذلك فيطمئن على منصبه ويستريح إلى رضا رؤسائه عنه ويبتسم له الأمل في المستقبل القريب والبعيد.

فأما قول توفيق: إني قد أسرفت حين زعمت أنه أحدث في الأدب العربي

<<  <   >  >>