حدث لم يسبقه أحد فإني أحمده له وإن كنت أعرف أن هذا الكلام كان يرضيه وأنه كان يحب أن يسمعه وأن يقرأه.
وأما أن توفيقا ينكر علي أن أحكم على قصصه بالبقاء فهذا إسراف منه كثير، فنحن الناقدون أحرار فيما نعرف من ذلك وما ننكر، ما دام الزمن هو الحكم الأخير في هذا الموضوع.
وأغرب من هذا كله أن يرفض توفيق ما أهديت إليه من ثناء فليعلم أني لم أهد الثناء إلى شخصه ليرفضه أو يقبله وأن شخصه لا يعنيني إلا قليلا منذ الآن، وإنما أهديت الثناء إلى فنه وما زلت أهديه إليه ولن يستطيع هو أن يرده، وكنت أحب له أن يفرق بين شخصه الفاني وفنه الباقي.
أما أنه لا يسمح لأحد بأن يدله على ما يقرأ، وأنه قرأ في الفلسفة القديمة والحديثة مثل ما قرأت على الأقل، فإنني أحب أن يعلم أن ما قرأته لا يرضيني لنفسي ولا لغيري، وأسأل الله أن يقيني وإياه شر الغرور فهو مهلك للنفوس حقا, وأما أنه أعرف الناس بما ينقصه وأعلم الناس بما يحتاج إليه من أدوات وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى نقد ناقد، فهذا رأيه في نفسه منذ الآن وهو لا يشرفه ولا يرفع منزلته عند أحد وأحب أن يعلم توفيق أني لن أرد عليه بعد الآن, ولن أحفل به إلا يوم يخرج لنا كتابا نقرؤه, ويومئذ سأعلن رأيا في الكتاب سواء رضي توفيق أم سخط.
من توفيق الحكيم "خصومة" إلى طه حسين:
بعثت إليه أول النهار بالرسالة التي سماها "باقية على الدهر" ثم أويت آخر النهار إلى بيتي فوجدت أسطوانات "بتهوفن" التي استعارها مني قد