هناك اعتدادا بالنفس يدخل في جنون العظمة واعتدادا بالنفس يدخل في جنون الأثر واعتدادا يدخل في الانحسار الذاتي، واعتدادا يدخل في جنون النقص والتحدي واعتدادا مبعثه العناد ثم اعتدادا بالنفس يدخل في جنون الاشتهاء الذاتي وهو النرجسية التي وصفنا بها أبا نواس.
٤- طه في رأي العقاد:
طلبت مجلة الهلال في يوليه ١٩٣٥ إلى طه حسين والعقاد أن يكتب كل منهما عن الآخر فكتب العقاد وتخلف طه.
قال العقاد: أنا ضامن أن الدكتور طه حسين سيقول أنني شاعر، فليضمن الدكتور طه إذًا أن أقول فيه إنه كاتب ناتج في الأدب، وخير ما أنتجه كتاب "الأيام" وكتاب في الصيف، وهما الكتابان اللذان سرد فيهما بعض ما جرى له في حياته فكان فيهما مثلا في البساطة والثقة التي تعزف بصاحبها عن التماس التأثير المصطنع بالتعمل والتمحل والطلاء والتزويق، فالموصوف في هذين الكتابين صادق بسيط الوصف كذلك. أنا ضامن أن الصديق الأديب سيجد عيبا أو عيوبا في شعري يقيسها بمقياسه ويقدرها بمعياره فإذا ضمنت هذا فليضمن الصديق الأديب أن أعلل قلة الوصف في كتاباته القصصية بعيب فيه وهو قلة الخيال, فهو يصف ما يعالجه من المحسوسات ولا يتخيل ما عداه من نقائضه أو مشابهاته.
أما طه حسين الناقد فما أقول فيه؟ أقول: إن اطلع على الأدب العربي القديم اطلاعه الواسع الذي لا جدال فيه واطلع على نفائس من أدب الإغريق واللاتين والأقدمين، واطلع على آثار رهط من كبار الأدباء الأوروبيين ولا سيما الفرنسيين، كل أولئك خليق أن يحبب إليه الصحة والمتانة والقوة، ويبغض إليه الزيف والسخف والركاكة، فهو يختار ما يعلو على مقاييس المقلدين