والواقع أن كتاب "الأخلاق عند الغزالي" لم يكن إلا دعوة صريحة إلى التشكيك في أصول الأخلاق الموروثة عن القدماء.
يقسم المؤلف الفضائل إلى قسمين: فضائل سلبية وفضائل إيجابية ثم يقرر أن "الغزالي" وجه اهتمامه إلى الفضائل السلبية ولم يعن بشرح الفضائل الإيجابية كالشجاعة والإقدام والحرص وما إلى ذلك مما يحمل المرء على حفظ ما يملك والسعي لنيل ما لا يجد، فإنه لا يكفي أن يسلم الرجل من الآفات النفسية بل يجب أن يزود بكل مقومات الحياة، والخير للمرء أن يوصم برزائل القوة من أن يتحلى بفضائل الضعف فإن الضعف شر كله ولكن أكثر الناس لا يفقهون.
عاب المؤلف على رجال الدين أن ينسحبوا من الميدان السياسي في الأوقات التي يفرض فيها الجهاد فطوق الغزالي بطوق من حديد حين سجل أنه لم يؤد واجبه في التحريض على مقاومة الحملات الصليبية، مع أنه حجة الإسلام ومع أن صوته كان مسموعا في أكثر الأقطار العربية.
أنكر المؤلف على الغزالي أن يتعلق بأهداب الآداب السلبية التي دعا إليها الإنجيل, ثم قال: قد رجعت عن بعض الآراء المدونة في هذا الكتاب حين ألفت كتاب "التصوف الإسلامي" وبين الكتابين أعوام تنقل فيها عقلي من أفق إلى أفق، أما أسلوب الكتاب فيغلب عليه الحذر والتهيب، وقد يصل إلى الرمز والإيماء لأن الموقف كان يعاني رقابة عنيفة، هي رقابة اللجنة المكلفة بالنظر في صلاحيته لامتحان الدكتوراه.
وبعد فقد راضتني الأيام بعد الجموح وانضممت كارها إلى العصابة التي تقول بأن الرياء سيد الأخلاق.