بألوان من الترف والنعيم فهم ينظمون ويكتبون وكأنهم يلعبون، وليس للألاعيب في عالم الأدب بقاء. الحياة هي كتاب الأديب ومن حظه أن يعرف البؤس والشقاء وأن يدرك كيف يكون الضجر والاكتئاب؟ وأن يشهد بعينيه كيف يرتفع السفلة والأغبياء؟ وكيف يطيش الحظ الأهوج فيظلل بجناحيه رءوس المحررين من أهل الجاه المزيف والمجد المكذوب؟
والأديب الذي يتهيب الحياة ويخاف مجاهلها هو أديب رخو ضعيف ليس أهلا لمجد القلم ولا شرف البيان، الأدب الصادق ليس إلا حومة قتال ولكن أي قتال؟ قتال في سبيل الحق والخير والجمال. والحياة لم تكن يوما دار سلام، وإنما السلام في المقابر، فمن أراد أن يستريح فليمت أما الأحياء فقد كتب عليهم أن يناضلوا ويقاتلوا ويصاولوا ما بقي فيهم عرق ينبض وقلب يثور، فإن جنحوا للسلم فقد استلموا إلى سكرات الموت وبئس المصير، خذوا وحيكم من الحياة يا طلاب الأدب، وتذكروا دئما أن وقود عقولكم وقلوبكم لا يكون إلا من الألم ومن الصدق.
الأدب الصادق هو الذي يحمي صاحبه من بريق الزيف والبهرج ويصونه من الخضوع لأرباب الألقاب، وإن أديب واحد بهذه الخلال أجدى على الأدب من ألوف الأدباء.
٦- أول هجوم سافر على طه حسين ١:
أما الأحقاد التي تتلظى في صدر طه حسين فستقضي عليه شر قضاء وتنكل به تنكيلا ولن تدوم له أيام الطغيان، ولن يبقى له فلان وفلان، والكرسي الذي يجلس عليه في الجامعة هو أقل ما أنتظره من الجزاء في المستقبل