للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها، وأرسل الله عز وجل الطاعون في بني إسرائيل، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى وكان غائبا حين صنع زمرى بن شلوم ما صنع فجاء والطاعون يحوس فيهم، فأخبر الخبر، فأخذ حربته وكانت من حديد كلها ثم دخل القبة وهما متضاجعان فانتظمهما بحربته ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء والحربة قد أخذها بذراعه واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحيته وكان بكر العيزار، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون فيما بين أن أصاب زمرى المرأة إلى أن قتله فنحاص فوجدوه قد هلك منهم سبعون ألفا، والمقلل لهم يقول عشرون ألفا في ساعة من النهار، فمن هنالك تعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص من كل ذبيحة ذبحوها الرقبة والزراع واللحى والبكر من كل أموالهم وأنفسهم؛ لأنه كان بكر أبيه العيزار، ففي بلعام بن باعور أنزل الله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} ، إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ١.

وقصة بلعام تتضمن الكثير من الفوائد التي تنهض بمستوى التربية إلى أعلى درجة، وليس من ذلك شيء عند المناهج التربوية الحديثة فإنها لا تذكر مثل هذه القصص كما رواها لنا القرآن، ولعل الدرس النفيس الذي نجنيه من وراء هذه القصة هو أن العلم ليس بكثرة التحصيل، ولكن العلم إنما يكون بالعمل. وقد قال الإمام الشافعي في هذا المعنى: "ليس العلم ما حفظ، العلم ما نفع"٢.

يندرج تحت هذا المعنى فوائد عظمى، منها:


١ تفسير الإمام الشافعي.
٢ انظر ابن جماعة الكناني، تذكرة السامع المتكلم في أدب العالم والمتعلم، ص٩٥، دار الكتب العلمية ببيروت.

<<  <   >  >>