والقرآن فيه كل ما يحتاجه البشر من الهداية؛ لأنه لم يختص بأمة العرب فحسب وإنما هو يشمل كل أمور الحياة للناس جميعا؛ لقوله عز من قائل:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} فليس الإسلام دين أمة العرب، ولا دين طبقة خاصة بذاتها ولكنه دين الإنسانية كلها.
وعلى هذا فإن القرآن دعوة عالمية تعمل على جمع الناس على منهج واحد يتمثل في توحيد الله عز وجل وتنفيذ ما أمره به والكف عما نهى عنه، ولكن أعداء الله في كل مجتمع يحجبون هذه الحقيقة عن الناس ويشغلونهم عنها بالترويج لمعتقداتهم الفاسدة الصارفة عن التوحيد وعن معرفة الحلال والحرام في العلاقات الإنسانية والتصرفات الدينوية.
ونستدل على حجب نور الإسلام عن الأوربيين من كلام المفكر الفرنسي موريس بوكاي الذي يقول فيه١:
"ولا مفر من الاعتراف بأن هذه التعاليم الإسلامية مجهولة على العموم في بلادنا الغربية، وقد يعجب البعض من هذا، ولكن سرعان ما يزول ذلك إذا ذكرنا الطريقة التي لقن بها العديد من الأجيال قضايا الإنسانية الدينية، والجهالة التي تُركوا فيها تجاه كل ما يخص الإسلام. أليس هدف إطلاق التسميات "الدين المحمدي" و"المحمديين" حتى في أيامنا هذه غرس الاعتقاد الخاطئ في الأذهان بأنها تتعلق بعقائد منتشرة بفعل الإنسان، وليس لله فيها "في مفهوم المسيحيين" أي مكان. وأن كثيرا من مثقفينا المعاصرين يعنون بمقومات الإسلام الفلسفية والاجتماعية والسياسية ولا يتساءولون كما
١ موريس بوكاي: التوارة والإنجيل والقرآن والعلم، ترجمة نخبة من الدعاة. دار الكندي. بيروت. الطبعة الأولى ١٣٩٨هـ - ١٩٨٧م "من المقدمة".