- سورة النور من السور المدنية، التي تتناول الأحكام الشرعية, وتُعْنَى بأمور التشريع، والتوجيه والأخلاق، وتهتم بالقضايا العامة والخاصة, التي ينبغي أن يُرَبَّى عليها المسلمون أفرادًا وجماعات, وقد اشتملت هذه السورة على أحكام هامة, وتوجيهات عامة تتعلق بالأسرة، التي هي النواة الأولى لبناء المجتمع الأكبر.
- وضَّحَتْ السورة الآداب الاجتماعية التي يجب أن يتمسك بها المؤمنون في حياتهم الخاصة والعامة؛ كالاستئذان عند دخول البيوت، وغَضِّ الأبصار، وحفظ الفروج، وحرمة اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، وما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المسلمة والبيت المسلم, من العفاف والستر، والنزاهة والطهر، والاستقامة على شريعة الله، صيانةً لحرمتها، وحفاظًا عليها من عوامل التفكك الداخلي، والانهيار الخلقي، الذي يهدم الأمم والشعوب.
- وقد ذُكِرَ في هذه السورة الكريمة بعضُ الحدود الشرعية التي فرضها الله؛ كحد الزنى، وحد القذف، وحد اللعان، وكل هذه الحدود إنما شُرِّعَتْ تطهيرًا للمجتمع من الفساد والفوضى، واختلاط الأنساب، والانحلال الخلقي، وحفظًا للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإباحية والفساد، التي تسبب ضياع الأنساب، وذهاب العِرْضِ والشرف.
- وباختصار, فإن هذه السورة الكريمة عالجت ناحيةً من أخطر النواحي الاجتماعية, هي "مسألة الأسرة", وما يحفُّها من مخاطر، وما يعترض طريقها من عقباتٍ ومشاكل، تؤدي بها إلى الانهيار, ثم الدمار، هذا عدا ما فيها من آداب سامية، وحكم عالية، وتوجيهات رشيدة١.