- ومن الأدب الخاصِّ إلى الأدب العام, تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإشاعات، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار، لا سيما إن كان الخبر صادرًا عن شخصٍ غير عدلٍ, أو شخص مُتَّهَمٍ، فكم من كلمة نقلها فاجر فاسق سبَّبَتْ كارثةً من الكوارث، وكم من خبر لم يتثبت منه سامعه جَرَّ وبالًا، وأحدث انقسامًا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} .
- ودعت السورة إلى الإصلاح بين المتخاصمين، ودفع عدوان الباغين:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الآيات.
- وحذَّرَتْ السورة من السخرية والهمز واللمز، ونفَّرَتْ من الغيبة والتجسس والظن السيئ بالمؤمنين، ودعت إلى مكارم الأخلاق، والفضائل الاجتماعية، وحين حذَّرَتْ من الغيبة جاء النهي في تعبير رائع عجيب، أبدعه القرآن غاية الإبداع، صورة رجل يجلس إلى جنب أخٍ له ميت ينهش منه ويأكل لحمه {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} الآية. ويا له من تنفيرٍ عجيب!!
- وختمت السورة بالحديث عن الأعراب الذين ظنوا الإيمان كلمةً تُقَالُ باللسان، وجاءوا يمنُّون على الرسول إيمانهم، فتبين حقيقة الإيمان, وحقيقة الإسلام، وشرط المؤمن الكامل, وهو الذي جمع الإيمان والإخلاص والجهاد والعمل الصالح {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} . إلى آخر السورة الكريمة١.