للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريق, ويهجم وحده على الجماعة في أول الصباح على ظهر فرسه, أو على قدميه كأنه السبع, فيطرق الحمى ويأخذ ما أخذ، والعجيب أننا نجد في أخباره أنه كان أيام جاهليته يتأله ويقول: لا إله إلّا الله، ولم يكن يعبد الأصنام، وقد مَرَّ عليه رجلٌ من أهل مكة فقال: أي أبا ذر, إن رجلًا بمكة يقول مثل ما تقول, ويزعم أنه نبيّ، فقال أبو ذر: ممن هو؟ قال: من قريش، فطلب أبو ذر من أخٍ له أن يذهب إلى مكة ليأتيه بخبر ذلك الرجل الذي هو من قريش, ويزعم أنه نبي, فلمّا عاد إليه أخوه، أخبره أنه رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر بمكارم الأخلاق، فلم يلبث أبو ذر أن جمع نفسه وخرج إلى مكة ليسمع ويرى.

وما أن التقى أبو ذر بالنبيّ وسمع منه حتى أعلن إسلامه, ثم قال للنبي -صلى الله عليه وسلم، يا نبيَّ الله! ما تأمرني؟

قال -صلى الله عليه سلم- ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري.

فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد، ثم خرج من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدخل المسجد فنادى بأعلى صوته:

أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدًا عبده ورسوله.

فضربه كفار قريش حتى صرعوه, فحذَّرهم العباس عم النبي -صلى الله عليه سلم- قتله, وقال: أنتم تجار, وطريقكم على غِفَار، فتريدون أن يقطع الطريق؟ فأمسكوا عنه.

وعلى يد أبي ذر أسلم أهله وعشيرته, وأسلم نصف قومه من بني غفارو وقال الباقون: إذا قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلمنا, فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة أسلموا, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "غفار غفر الله

<<  <   >  >>