للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها، وأسلم سالمها الله"١.

وهذا الوليد بن الوليد بن المغيرة من بيت الكفر والضلال؛ فأبوه الوليد بن المغيرة عدو الله ورسوله, لم يزل على دين قومه، وخرج مع كفار قريش إلى بدرٍ ليحارب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وشاء الله له أن يقع في الأسر, فقد أسره عبد الله بن جحش، فقدم في فدائه أخواه خالد وهشام ابنا الوليد بن المغيرة, لكن الوليد كان قد سمع كلام القرآن وتأثر به, وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أبى أن يفدى الوليد إلّا بشكة أبيه, فرفض خالد وطاع هشام بن الوليد؛ لأن الوليد أخوه لأبيه وأمه، وكانت الشكة درعًا فضفاضةً وسيفًا وبيضةً، فطاعا به وسلماه، فلما قُبِضَ ذلك خرجا بالوليد حتى بلغا به "ذا الحليفة", فأفلت منهما, فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلم، فقال له خالد: هلّا كان ذلك قبل أن تفتدى, وتخرج مأثرة أبينا من بين أيدينا, فاتبعت محمدًا إذ كان هذا رأيك؟ ٢.

فقال: ما كنت لأسلم حتى اُفْتَدَى بمثل ما افْتُدِيَ به قومي، ولا تقول قريش: إنما اتبع محمد فرارًا من الفدي، ثم خرجا به إلى مكة وهو آمن لهما فحبساه، ثم هرب بعد ذلك فارًّا إلى المدينة, إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمات بها.

وهناك أمثلة كثيرة تدل على أن القرآن بهديه الذي يَمَسُّ شغاف القلوب تأثر به كثير ممن كانوا عتاة في الكفر، وأن الذين دخلوا في الإسلام منهم كان لديهم الاستعداد الدفين كامنًا في قلوبهم, حتى إذا جاء الإسلام أزاح غشاوة الكفر التي كانت تحجبه فاستجابت قلوبهم


١ محمد بن سعد كاتب الواقدي، الطبقات الكبرى ج٤/ ١٦٣.
٢ المصدر السابق ج٤/ ٩٧، ٩٨.

<<  <   >  >>